عن ذنوبهم، ويقال: نستغفر ربنا. إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ يعني: ضارين بأنفسنا بمنعنا المساكين.

فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ يعني: جعل يلوم بعضهم بعضاً لصنيعهم ذلك، ثم قالُوا بأجمعهم: يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ يعني: عاصين بمنعنا المساكين. ثم قالوا:

عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها يعني: يعوضنا خيراً منها في الجنة. إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ يعني: راجين مما عنده. قال الله تعالى: كَذلِكَ الْعَذابُ يعني: هكذا عذاب الدنيا لمن منع حق الله تعالى. وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لمن لم يتب ولم يرجع عن ذنبه. ويقال: هكذا العذاب في الدنيا لأهل مكة بالجوع، ولعذاب الآخرة أعظم. لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ يعني: لو كانوا يفقهون. ويقال: لو كانوا يصدقون، ثم ذكر ما للمتقين من الثواب.

[سورة القلم (68) : الآيات 34 الى 43]

إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ (38)

أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ (39) سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ (40) أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (41) يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ (42) خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ (43)

فقال عز وجل: إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يعني: في الآخرة جَنَّاتِ النَّعِيمِ. فلما ذكر الله تعالى نعيم الجنة، قال عتبة بن ربيعة: إن كان كما يقول محمد صلّى الله عليه وسلم، فإن لنا في الآخرة أكثر ما للمسلمين، لأن فضلنا وشرفنا أكثر، فنزل: أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ يعني: لا يكون حال المسلمين في الهوان والذل كالمشركين. مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ يعني: وَيْحَكم كيف تقضون بالجَوْر؟ أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ؟ يعني: ألكم كتاب تقرؤون فيه؟ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ يعني: في الكتاب مما تتمنون. أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ؟ يعني: ألكم عهد عندنا وثيق؟ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ. يعني: في يوم القيامة. إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ يعني:

ما تقضون لأنفسكم في الآخرة؟.

قوله تعالى: سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ يعني: أيهم كفيل لهم بذلك؟ ثم قال: أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ؟ يعني: شهداء يشهدون أن الذي قالوا لهم حق. فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ يعني: يشهدون أن لهم في الآخرة ما للمسلمين، فهذا كله لفظ الاستفهام، والمراد به الزجر واليأس، يعني: ليس لهم ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015