الذي داخل العنق الذي هو عرق الروح، فأعلمه الله تعالى أنه أقرب إليه من ذلك العرق.
ويقال: الوريدان عرقان بين الحلقوم، والعلباوين. والحبل هو الوريد. وأضيف إلى نفسه لاختلاف لفظي اسميه.
قوله عز وجل: إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ يعني: يكتب الملكان عمله، ومنطقه. يعني:
يتلقيان منه ويكتبان. وقال أهل اللغة تلقى، وتلقف، بمعنى واحد. عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ يعني: عن يمين ابن آدم، وعن شماله قاعدان. أحدهما عن يمينه، والآخر عن شماله، وصاحب اليمين موكل على صاحب الشمال، اثنان بالليل، واثنان بالنهار، وكان في الأصل قعيدان، ولكن اكتفى بذكر أحدهما فقال: قعيد.
ثم قال عز وجل: مَّا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ يعني: ما يتكلم ابن آدم بقولٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ يعني: عنده حافظ حاضر. وقال الزجاج: عَتِيدٌ أي: ثابت، لازم.
قوله تعالى: وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ يعني: جاءت غمرته بالحق أنه كائن.
ويقال: جاءت نزعات الموت بالحق. يعني: بالسعادة، والشقاوة. يعني: يتبين له عند الموت. ويقال: فيه تقديم، ومعناه: جاءت سكرة الحق بالموت. روي عن أبي بكر الصديق، أنه كان يقرأ وَجَاءتْ سَكْرَةُ الحق بالموت ذلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ يعني: يقال له: هذا الذي كنت تخاف منه، وتكره. ويقال: ذلك اليوم الذي كنت تفر منه.
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ يعني: النفخة الأخيرة وهي نفخة البعث ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ يعني:
العذاب في الآخرة وَجاءَتْ أي: جاءت يوم القيامة كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ سائق يسوقها إلى المحشر، ويسوقها إلى الجنة، أو إلى النار. وَشَهِيدٌ يعني: الملك يشهد عليها.
وقال القتبي: السائق هاهنا، قرينها من الشياطين، يسوقها. سمي سائقاً، لأنه يتبعها، والشهيد:
الملك. ويقال: الشاهد أعضاؤه. ويقال: الليل، والنهار، والبقعة، تشهد عليه.
ويقال له: لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا يعني: من هذا اليوم، فلم تؤمن به، وقد ظهر عندك بالمعاينة فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ يعني: غطاء الآخرة. ويقال: أريناك ما كان مستوراً عنك في الدنيا. ويقال: أريناك الغطاء الذي على أبصارهم، كما قال: وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ [البقرة: 7] حيث لم يعقلوا فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ أي: نافذ. ويقال: شاخص بصره لا يطوف، يديم النظر حين يعاين في الآخرة، ما كان مكذباً به. ويقال: حَدِيدٌ أي: حاد كما يقال:
حَفِيظٍ يعني: حافظ، وقعيد بمعنى قاعد. وقال الزجاج: هذا مثل. ومعناه: إنك كنت بمنزلة من عليه غطاء فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ يعني: علمك بما أنت فيه نافذ.
وَقالَ قَرِينُهُ هذا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ (26) قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (27)
قالَ لاَ تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (29) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30)