الظن. وروى الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «يقول الله تعالى: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي وَأَنَا مَعَهُ حَيْثُ يَذْكُرُنِي» . وقال الحسن: إن المؤمن أحسن الظن بربه، فأحسن العمل. وإن المنافق أساء الظن بربه، فأساء العمل. فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ يعني: صرتم من المغبونين.
فَإِنْ يَصْبِرُوا على النار، فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ أي: مأوى لهم. ويقال: هذا جواب، لقولهم: اصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ.
يقول الله تعالى: فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ، وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا أي: يسترجعوا من الآخرة، إلى الدنيا، فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ أي: من المرجوعين إلى الدنيا. ويقال: وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا يعني: وإن يطلبوا العذر، فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ أي: لا يسمع، ولا يقبل منهم عذر.
قوله عز وجل: وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ قال القتبي: يعني: ألزمناهم قرناء من الشياطين.
وقال أهل اللغة: قيض يعني: سلط. ويقال: قيض بمعنى قدر. فَزَيَّنُوا لَهُمْ يعني: زينوا لهم التكذيب بالحساب، وقال الحسن: وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ أي: خلينا بينهم، وبين الشياطين بما استحقوا من الخذلان، فَزَيَّنُوا لَهُمْ، مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ قال الضحاك. يعني:
شككوهم في أمر الآخرة، وَمَا خَلْفَهُمْ يعني: رغبوهم في الدنيا. ويقال: زينوا لهم مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ. يعني: ما كان عليه آباؤهم من أمر الجاهلية، وما خلفهم. يعني: تكذيبهم بالبعث، وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ يعني: وجب عليهم العذاب فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ يعني: مع أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قبل أهل مكة، مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ بالعقوبة. ويقال:
إنَّهُمْ كَانوا خاسرين مثلهم.
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (27) ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (28) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (29)
قوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ نزلت الآية في أبي جهل، وأصحابه، فإنه قال: إذا تلى محمد القرآن، فارفعوا أصواتكم، بالأشعار، والكلام في وجوههم، حتى تلبسوا عليهم، فذلك قوله: وَالْغَوْا فِيهِ يعني: الغطوا، واللغط هو الشغب،