وهي ثمانون وخمس آية مكية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2) غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3)
قوله تبارك وتعالى: حم روي عن ابن عباس أنه قال الحواميم كلها مكية. وهكذا روي عن محمد بن الحنفية. وقال ابن مسعود: إِنَّ حم دِيْبَاجُ القُرْآنِ. وروي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَرْتَعَ فِي رِيَاضِ الجَنَّةِ فَلْيَقْرَأْ الحَوَامِيم» . وقال قتادة: حم اسم من أسماء الله الأعظم. ويقال: اسم من أسماء القرآن. ويقال: قسم أقسم الله بحم. ويقال: معناه قضى بما هو كائن. ويقال: حم الأمر أي: قدر، وقضى، وتم. وقرأ ابن كثير، وحفص، عن عاصم: حم بفتح الحاء. وقرأ أبو عمرو، ونافع: بين الفتح والكسر، والباقون بالكسر.
وكل ذلك جائز في اللغة.
ثم قال: تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ يعني: إنّ هذا القرآن الذي يقرأه عليكم محمد، هو من عند الله، العَزِيز في سلطانه، وملكه، الْعَلِيمِ بخلقه، وبأعمالهم، غافِرِ الذَّنْبِ لمن يقول: لا إله إلا الله، مخلصاً، يستر عليه ذنوبه، وَقابِلِ التَّوْبِ لمن تاب، ورجع، شَدِيدِ الْعِقابِ لمن مات على الشرك، ولم يقل لا إله إلا الله، ذِي الطَّوْلِ يعني:
ذي الفضل على عباده، والمن والطول في اللغة: التفضل. يقال: طل علي برحمتك أي:
تفضل. وقال مقاتل: ذي الطَّوْلِ يعني: ذي الغنى عمى لم يوحده.
ثم وحّد نفسه فقال: لاَ إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ يعني: إليه مصير العباد، ومرجعهم في الآخرة، فيجازيهم بأعمالهم.
[سورة غافر (40) : الآيات 4 الى 6]
ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ (4) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ (5) وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ (6)