ثم قال عز وجل: جُنْدٌ مَّا هُنالِكَ يعني: جند عند ذلك، وما زائدة. يعني: حين أرادوا قتل النبيّ صلّى الله عليه وسلم مَهْزُومٌ يعني: مغلوب مِنَ الْأَحْزابِ يعني: من الكفار. وقال مقاتل: فأخبر الله تعالى بهزيمتهم ببدر. وقال الكلبي: يعني: عند ذلك إن أرادوه مَهْزُومٌ مغلوب.
ثم قال عز وجل: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ يعني: من قبل أهل مكة قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ يعني: ذو ملك ثابت، شديد دائم ويقال: ذو بناء محكم. ويقال: يعني: في عز ثابت. والعرب تقول: فلان في عز ثابت الأوتاد. يريدون دائم شديد، وأصل هذا أن بيوت العرب تثبت بأوتاد. ويقال: هي أوتاد كانت لفرعون يعذب بها، وكان إذا غضب على أحد شدّه بأربعة أوتاد.
ثم قال: وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ يعني: الغيضة وهم قوم شعيب- عليه السلام- أُولئِكَ الْأَحْزابُ يعني: الكفار، سموا أحزاباً لأنهم تحزبوا على أنبيائهم. أي:
تجمعوا، وأخبر في الابتداء أن مشركي قريش، حزب من هؤلاء الأحزاب إِنْ كُلٌّ يعني: ما كل إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ يعني: وجب عذابي عليهم.
قوله عز وجل: وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ يعني: قومك إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً يعني: النفخة الأولى مَّا لَها مِنْ فَواقٍ يعني: من نظرة، ومن رجعة. قرأ حمزة والكسائي فَواقٍ بضم الفاء. وقرأ الباقون: بالنصب. ومعناهما واحد. يسمى ما بين حلبتي الناقة فَواقٍ لأن اللبن يعود إلى الضرع. وكذلك إفاقة المريض يعني: يرجع إلى الصحة. فقال: مَّا لَها مِنْ فَواقٍ يعني: من رجوع. وقال أبو عبيدة: من فتحها أراد ما لها من راحة ولا إفاقة يذهب بها إلى إفاقة المريض، ومن ضمها جعلها من فواق الناقة، وهو ما بين الحلبتين، يعني: ما لها من انتظار. وقال القتبي: الفُواق والفَواق واحد، وهو ما بين الحلبتين.
ثم قال تعالى: وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قال ابن عباس وذلك أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لقريش: «مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِالله أُعْطِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ» . فقالوا: رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا يعني: