وهي ثمانية وثمان آيات مكية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ (2) كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ (3)
قوله تعالى: ص وَالْقُرْآنِ قرأ الحسن: صاد بالكسر. وجعلها من المصاداة. يقول عارض القرآن: أي عارض عملك بالقرآن. ويقال: بقلبك. وروى معمر، عن قتادة، في قوله ص قال: هو كما تقول تلق كذا أي: هيئ نفسك لقدوم فلان. يعني: طهر نفسك بآداب القرآن كما قال صلّى الله عليه وسلم: «القُرْآنُ مَأْدُبَةُ الله تَعَالَى فَتَطَّعمُوا مِنْ مَأْدُبَتِهِ» وكان عيسى ابن مريم يعمر، يقرأ صَادَ بالنصب، وكذلك يقرأ قاف، ونون بالنصب. ومعناه: اقرأ صاد، وقراءة العامة بسكون الدال، لأنها حروف هجاء، فلا يدخلها الإعراب، وتقديرها الوقف عليها. وقيل: في تفسير قول الله تعالى: ص يعني: الله هو الصادق. ويقال: هو قسم. وَالْقُرْآنِ عطف عليه قسم بعد قسم. ومعناه أقسمت بصاد، وبالقرآن. وقال علي بن أبي طالب: الصاد اسم بحر في السماء. وقال ابن مسعود في قوله: ص وَالْقُرْآنِ يعني: صادقوا القرآن حتى تعرفوا الحق من الباطل. وقال الضحاك: معناه صدق الله.
ثم قال وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ يعني: والقرآن ذي الشرف. ويقال: فيه ذكر من كان قبله، وجواب القسم عند قوله: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ [ص: 64] والجواب قد يكون مؤخراً عن الكلام كما قال: وَالْفَجْرِ (1) وَلَيالٍ عَشْرٍ [الفجر: 1، 2] وجوابه قوله: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ [الفجر: 14] وقوله: وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ [البروج: 1] وجوابه قوله: إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ [البروج: 12] وقال بعضهم: جواب القسم هاهنا كَمْ أَهْلَكْنا ومعناه: لكم أهلكنا، فلما طال الكلام حذف اللام.
ثم قال: بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ أي: في حمية. كقوله: أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ [البقرة: 206]