ثم قال: فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ عن دينه وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ لدينه فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ قال القتبي: هذا من الإضمار. يعني: ذهبت نفسك حسرة عليهم، ولا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حسرات بتركهم الإيمان. وقرئ في الشاذ: فَلا تَذْهَبْ بضم التاء وكسر الهاء نَفْسُكَ بنصب السين. من أذهب يذهب يعني: لا تقتل نفسك وقراءة العامة فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ بنصب التاء والهاء وضم السين أي: لا تحزن نفسك إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ من الخير والشر.
وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ (9) مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ (10) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (11)
ثم قال عز وجل: وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً أي: ترفعه وتهيجه فَسُقْناهُ يعني: نسوقه إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها يعني: بعد يبسها كَذلِكَ النُّشُورُ يعني: هكذا تحيون بعد الموت يوم القيامة وروي عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن ابن الزبعرى، عن عبد الله بن مسعود أنه قال: تقوم الساعة على شرار الناس. ثم يقوم ملك بالصور. فينفخ فيه، فلا يبقى خلق في السماوات والأرض إلا مات إلا ما شاء الله، ثم يكون بين النفختين ما شاء الله، فيرسل الله الوباء من السماء من تحت العرش، كمني الرجال فتنبت لحومهم من ذلك الماء، كما تنبت الأرض من الندا. ثم قرأ: فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ ثم ينفخ في الصور.
قوله عز وجل: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً يعني: من طلب العزة بعبادة الأوثان، فليتعزز بطاعة الله عز وجل. فَإِنَّ العزة للَّهِ جَمِيعاً. يقول: من يتعزز بإذن الله. ويقال:
معناه من كان يريد أن يعلم لمن تكون العزة، فليعلم بأن العزة لله جميعاً. ويقال: من كان يطلب لنفسه العزة، فَإِنَّ العزة للَّهِ جَمِيعاً.
ثم قال: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ قال مقاتل: يصعد إلى السماء كلمة التوحيد وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ يقول: التوحيد يرفع العمل الصالح إلى الله تعالى في السماء، فيها تقديم. وقال الحسن البصري: العمل الصالح يرفع الكلام الطيب إلى الله عز وجل. فإذا كان