وهي أربعون وخمس آية مكية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2)
قوله تبارك وتعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يعني: خالق السموات والأرض. يقال: فطر الشيء إذا بدأه. قال ابن عباس- رضي الله عنه-: ما كنت أعرف فاطر حتى اختصما لي أعرابيان في بئر. فقال أحدهما: أنا فطرتها يعني: بدأتها.
ثم قال: جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا يعني: مرسل الملائكة بالرسالة جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت والكرام الكاتبين- عليهم السلام- أُولِي أَجْنِحَةٍ يعني: ذوي أجنحة، ولفظ أولي يستعمل في الجماعة، ولا يستعمل في الواحد وواحدها ذو.
ثم قال: مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يعني: من الملائكة من له جناحان، ومنهم من له ثلاثة أجنحة، ومنهم من له أربعة. ومنهم كذا. ويقال: ثُلاثَ معدول من ثلاثة. يعني: ثلاثة ثلاثة. وَرُباعَ معدول من أربعة يعني: أربعة أربعة.
ثم قال: يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشاءُ يعني: يزيد في خلق الأجنحة ما يشاء. وروي عن ابن شهاب أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم سأل جبريل- عليه السلام- أن يتراءى له في صورته. فقال له جبريل: إنك لا تطيق ذلك. فقال: «إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَفْعَلَ» . فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى المصلى في ليلة مقمرة، فأتاه جبريل في صورته فغشي على رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين رآه. ثم أفاق وجبريل- عليه السلام- يسنده، واضع إحدى يديه على صدره، والأخرى بين كتفيه. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «سُبْحَانَ الله مَا كُنْتُ أرَى شَيْئاً مِنَ الخَلْقِ هَكَذا» ! فقال جبريل: فكيف لو رأيت