وهي خمسون وأربع آية مكية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2)
قول الله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ من الخلق وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ يعني: يحمده أهل الجنة. ويقال: يحمدونه في ستة مواضع. أحدهما حين نودي وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59) [يس: 59] فإذا تميز المؤمنون من الكافرين يقولون:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [المؤمنون: 28] كما قَالَ نوح- عليه السلام- حين أنجاه الله عز وجل من قومه. والثاني حين جازوا الصراط قَالُوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ
[فاطر: 34] . والثالث لما دنوا إلى باب الجنة، واغتسلوا بماء الحيوان، ونظروا إلى الجنة، وَقَالُواْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا [الأعراف: 43] . والرابع لما دخلوا الجنة استقبلتهم الملائكة- عليهم السلام- بالتحية فقالوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ [الزمر: 74] الآية. والخامس حين استقروا في منازلهم وَقَالُواْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ [فاطر: 34، 35] . والسادس كلما فرغوا من الطعام قالوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (2) [الفاتحة: 1] . وقال بعضهم: إنها الذي استوجب الحمد في الآخرة كما استوجب الحمد في الدنيا.
ثم قال: وَهُوَ الْحَكِيمُ حين حكم بالبعث الْخَبِيرُ يعني: العليم بهم.
ثم قال عز وجل: يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ يعني: ما يدخل في الأرض من المطر والأموات والكنوز وَما يَخْرُجُ مِنْها من النبات والكنوز والأموات وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ من مطر أو وحي أو رزق أو مصيبة وَما يَعْرُجُ فِيها يعني: يصعد إلى السماء من الملائكة