وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ وقال مجاهد: يعني: أعطينا لقمان العقل والفقه والإصابة في غير نبوة. ويقال أيضاً: الحكمة والعقل والإصابة في القول. وروي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «ما زَهِدَ عَبْدٌ فِي الدُّنْيَا إلاَّ أَثْبَتَ الله تَعَالَى الحِكْمَةَ فِي قَلْبِهِ، وَأَنْطَقَ بِهَا لِسَانَهُ، وَبَصَّرَهُ عُيُوبَ الدُّنْيَا وَعُيُوبَ نَفْسِهِ. وَإذَا رَأيْتُمْ أَخَاكُمْ قَدْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا فَاقْتَرِبُوا إلَيْهِ فَاسْتَمِعُوا مِنْهُ، فإنه يُلَقَّى الحِكْمَةَ» . وقال السدي: وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ يعني: النبوة. وعن عكرمة قال:
كان لقمان نبياً. وعن وهب بن منبه قال: كان لقمان رجلاً حكيماً، ولم يكن نبياً.
وروي عن ابن عباس قال: كان لقمان عبداً حبشياً. ويقال: إن أول ما ظهرت حكمته أن مولاه قال له يوماً: اذبح لنا هذه الشاة فذبحها. ثم قال: أخرج أطيب مضغتين فيها فأخرج اللسان والقلب. ثم مكث ما شاء الله. ثم قال له: اذبح لنا هذه الشاة فذبحها. فقال: أخرج لنا أخبث مضغتين فيها فأخرج اللسان والقلب. فسأله عن ذلك فقال لقمان: إنه ليس شيء أطيب منهما إذا طابا، ولا أخبث منهما إذا خبثا.
وذكر عن وهب بن منبه أن لقمان خُيِّرَ بين النبوة والحكمة، فاختار الحكمة. قال: فبينما كان يعظ الناس يوماً وهم مجتمعون عليه، إذ مرّ به عظيم من عظماء بني إسرائيل. فقال: ما هذه الجماعة؟ فقيل له: جماعة اجتمعت على لقمان الحكيم. فأقبل إليه. فقال له: ألست عبد بني فلان؟ فقال: نعم. فقال: فما الذي بلغ بك ما أرى؟ فقال: صدق الحديث، وأداء الأمانة، وتركي ما لا يعنيني. فانصرف عنه متعجباً وتركه.
ثم قال تعالى: أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ يعني: حكماً من أحكام الله أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ويقال: معناه وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ وقلنا له: اشكر لله بما أعطاك من الحكمة وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ يعني: ثواب الشكر لنفسه وَمَنْ كَفَرَ أي: جحد فلا يوحّد ربه فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ