بالصنم ويقال: بالشيطان، ويقال: بالطاغوت، وهو كعب بن الأشرف. وَكَفَرُوا بِاللَّهِ يعني:
جحدوا وحدانية الله عز وجل أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ يعني: المغبونين في العقوبة. ويقال:
خسروا حيث استوجبوا لأنفسهم العقوبة.
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (53) يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ (54) يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (55) يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56)
ثم قال عز وجل: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وذلك أنهم قالوا: ائتنا بعذاب الله. يقول الله عز وجل: وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى يقول: لولا الوقت الذي وقّتَ لهم لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً يعني: فجأة وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ بنزول العذاب. يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ يعني: جعلت لهم النار تحيط بهم.
قوله عز وجل يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ يعني: يعلوهم العَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ قرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو: وَنَقُولُ ذُوقُوا بالنون، يعني: نقول لهم نحن ذوقوا، وهي حكاية عن الله سبحانه وتعالى بلفظ الجماعة، وهو لفظ الملوك. وقرأ الباقون بالياء يعني: يقول الله عز وجل. ويقال: وتقول لهم الخزنة ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ يعني: جربوا عقوبة ما كنتم تعملون في الدنيا.
ثم قال عز وجل: يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا
قرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو بسكون الياء، وقرأ الباقون بنصب الياء يا عِبادِيَ
وقرأ ابن عامر وحده إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ
بنصب الياء، وقرأ الباقون بسكونها في مثل هذه المواضع، لغتان يجوز كلاهما، ومعناه: إن أرضي واسعة، إذا أُمِرْتُم بالمعصية والبدعة فاهربوا، ولا تطيعوا في المعصية، نزلت في ضعفاء المسلمين إِن كُنتُمْ يعني: إذا كنتم في ضيق من إظهار الإسلام بمكة إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ
يعني: المدينة واسعة بإظهار الإسلام. وروي عن الحسن عن النبي صلّى الله عليه وسلّم إنه قال: «مَنْ فَرَّ بِدِينهِ مِنْ أَرْضٍ إلى أرضٍ وإنْ كَانَ شِبْراً مِنَ الأَرْضِ اسْتَوْجَبَ الجَنَّةَ وَكَانَ رَفِيقَ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا السَّلام» وإنما خصَّ إبراهيم لأنه قال إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي [العنكبوت: 26] ففرَّ بدينه إلى الأرض المقدسة، وإنما خصّ محمدا صلّى الله عليه وسلّم لأنه هاجر من مكة إلى المدينة. ويقال: إن القوم كانوا في ضيق من العيش فقال: إن كنتم تخافون شدة العيش فإن أرضي واسعة. فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ
يعني فوحّدون بالمدينة علانية.
[سورة العنكبوت (29) : الآيات 57 الى 59]
كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ (57) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (58) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (59)