كان عليه من البطر والبغي، لَخَسَفَ بِنا كما خسف به. قال قرأ عاصم في رواية حفص بنصب الخاء، وكسر السين يعني: لَخَسَفَ الله بِنَا وقرأ الباقون بضمّ الخاء وكسر السين على فعل ما لم يسم فاعله وَيْكَأَنَّهُ يعني: ولكنه لاَ يُفْلِحُ الْكافِرُونَ الجاحدون للنعم.
تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلاَّ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ (84) إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (85)
قوله عز وجل: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ يعني: الجنة نَجْعَلُها لِلَّذِينَ يعني: نعطيها للذين لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ يعني: تعظيماً وتكبراً وتجبراً فيها عن الإيمان وَلا فَساداً في الأرض يعني: لا يريدون المعاصي في الدنيا.
وروى وكيع، عن سفيان، عن مسلم البطين لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ. يعني:
التكبر بغير حق، وَلا فَساداً قال: أخذ المال بغير حق. ويقال: العلو الخطرات في القلب، والفساد فعل الأعضاء وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ يعني: الجنة للذين يتقون الشرك والمعاصي. ويقال:
عاقبة الأمر، وما يستقر عليه للمتقين الموحدين. ويقال: والعاقبة المحمودة للمتقين.
قوله عزّ وجل: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ يعني: بكلمة الإخلاص وهي قول لا إله إلا الله فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وقد ذكرناه وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى يعني: لا يثاب الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلَّا مَا كانُوا يَعْمَلُونَ يعني: يصيبهم بأعمالهم.
قوله عز وجل: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ يعني: أنزل عليك القرآن. ويقال: أمرك بالعمل بما في القرآن لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ. وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: «الموت» .
وقال السدي: إِلى مَعادٍ يعني: الجنة. وهكذا روي عن مجاهد.
وروي عن عكرمة عن ابن عباس قال: «يعني: إلى مكة» . وقال القتبي: معاد الرجل بلده، لأنه يتصرف في البلاد، وينصرف في الأرض ثم يعود إلى بلده. والعرب تقول: ردّ فلان إلى معاده، يعني: إلى بلده، وكان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم حين خرج من مكة إلى المدينة اغتم لمفارقته مكة، لأنها مولده وموطنه ومنشأه وبها عشيرته، واستوحش، فأخبر الله تعالى في طريقه أنه سيرده إلى مكة، وبشره بالظهور والغلبة.
ثم قال تعالى: قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى يعني: بالرسالة والقرآن، وذلك حين قالوا له: إنك في ضلال مبين فنزل قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى يعني: فأنا الذي جئت بالهدى، وهو أعلم بمن هو في ضلال مبين نحن أو أنتم.