بغل أغر محجل إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ يعني: بني إسرائيل لاَ تَفْرَحْ يعني: لا تفخر بما أوتيت من الأموال. ويقال: لا تفرح بكثرة المال إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ يعني: المرحين المفاخرين.
ويقال: البطرين ويقال: لا تَفْرَحْ أي: لا تأشر، والأشر: أشد الفرح الذي يخالطه حرص شديد حتى يبطر، يعني: يطغى وقالوا له: وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ يعني: اطلب مما أعطاك الله تعالى من الأموال والخير الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا يعني: لا تترك حظك من الدنيا أن تعمل لآخرتك وَأَحْسِنْ العطية من الصدقة والخير كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ يعني:
أعط الناس كما أعطاك الله. ويقال: أحسن إلى الناس كما أحسن الله إليك وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ يعني: أنفقه في طاعة الله تعالى، ولا تنفقه في معصية الله تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ المنفقين في المعصية- وقوله: وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا أي: لا تضيع عمرك فإنه نصيبك من الدنيا «1» -. قالَ قارون إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي قال مقاتل: يعني على خير علمه الله عندي. وقال في رواية الكلبي: يعني علم التوراة، وكان قارون أقرأ رجل في بني إسرائيل بالتوراة، فأعطيت ذلك لفضل علمي، وكنت بذلك العلم مستحقا لفضل المال. ويقال: عَلى عِلْمٍ عِنْدِي يعني: علم الكيميا، وكان يعمل كيميا الذهب. وقال الزجاج: الطريق الأول أشبه، لأن الكيميا لا حقيقة لها.
يقول الله تعالى: أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً من الأموال منهم: نمرود وغيره وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ يعني: لا يسأل الكافرون عن ذنوبهم، لأن كل كافر يعرف بسيماه، وهذا قول الكلبي. وقال مقاتل: لا يسأل مجرمو هذه الأمة عن ذنوب الأمم الخالية وقيل: لا يسأل الكافرون يوم القيامة عن ذنوبهم سؤال النجاة، بل يسألون سؤال العذاب والمناقشة.
فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً وَلا يُلَقَّاها إِلاَّ الصَّابِرُونَ (80) فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ (81) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (82)
قوله عز وجل: فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ يعني: خرج قارون على بني إسرائيل فِي زِينَتِهِ.