قال الله تعالى: وَمَكَرُوا مَكْراً يعني: أرادوا قتل صالح عليه السلام وَمَكَرْنا مَكْراً، يعني: جثم عليهم الجبل فماتوا كلهم. ويقال: رجمتهم الملائكة عليهم السلام بالحجارة فماتوا، فذلك قوله تعالى: وَمَكَرُوا مَكْراً أي: أرادوا قتل صالح، وَمَكَرْنا مَكْراً يعني:
أراد الله عز وجل قتلهم جزاء لأعمالهم، وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ، بأن الملائكة يحرسون صالحاً في داره. قرأ عاصم في رواية أبي بكر: مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ بنصب الميم واللام، وفي رواية حفص بنصب الميم وكسر اللام. وقرأ الباقون: بضم الميم، ونصب اللام.
ثم قال: فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ يعني: جزاء مكرهم أَنَّا دَمَّرْناهُمْ قرأ عاصم وحمزة والكسائي أَنَّا بالنصب، وقرأ الباقون بكسر الألف. فمن قرأ بالنصب، فمعناه: فانظر كيف كان عاقبة مكرهم، لأنا دمرناهم، ويجوز أن يكون خبر كان. ومن قرأ: بالكسر لأنه لما قال، فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ. يعني: إيش كان عاقبة مكرهم.
ثم فسر فقال: أَنَّا دَمَّرْناهُمْ على وجه الاستئناف، وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ، يعني:
أهلكناهم بصيحة جبريل عليه السلام. ويقال: خرجت النار من تحت أرجلهم فأحرقتهم.
ويقال: إنهم خرجوا ليلاً لإهلاك صالح، فدمغتهم الملائكة بأحجار من حيث لا يرونهم، فقتلوهم وقومهم أجمعين.
قوله عز وجل: فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً يعني: خالية من الناس. ويقال: بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً. يعني: مساكنهم خربة ساقطة، بِما ظَلَمُوا أي: أشركوا. ويقال: بكفرهم بالله تعالى صارت خاوية نصباً على الحال. يعني: فانظر إلى بيوتهم خاوية، وقرئ في الشاذ خاوِيَةً بالضم على معنى النعت للبيوت.
ثم قال: إِنَّ فِي ذلِكَ يعني: في هلاكهم وفيما صنع بهم لَآيَةً يعني: لعبرة لمن بعدهم لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ، يعني: يعقلون ويصدقون، وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا، يعني: أقرّوا بالتوحيد وصدّقوا صالحاً برسالته، وَكانُوا يَتَّقُونَ الشرك والفواحش.
وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (54) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55) فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56) فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ (57) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (58)
قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59)
قوله عز وجل: وَلُوطاً يعني: وأرسلنا لوطاً، عطفاً على قوله، وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى