قوله عز وجل: وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى يعني: اتل عليهم إذ نادى ربك موسى كما قال:
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ وقال مقاتل: إِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى يعني: أمر ربك يا محمد موسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ يعني: اذهب إلى القوم المشركين قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ قال مقاتل: يعني، قل لهم ألا تتقون عبادة غيره وتوحدونه. ويقال: أَلا يَتَّقُونَ يعني: ألا يعبدون الله تعالى قالَ رَبِّ يعني: قال موسى يا رب. إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ بما أقول وَيَضِيقُ صَدْرِي إذا كذبوني في رسالتك وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي لمهابته. قرأ الحضرمي، وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ كلاهما بنصب القاف، وجعله نصباً بأن، ومعناه: أخاف أن يكذبون، وأن يضيق صدري، وأن لا ينطلق لساني. وقراءة العامة: بالضم على معنى الاستئناف.
ثم قال: فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ يعني: أرسله معي لكي يكون عوناً لي في أداء الرسالة. ثم قال: وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ يعني: قصاص بقتل القبطي فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ وقال القتبي: على معنى عندي، أي: لهم عندي ذنب قالَ الله تعالى كَلَّا أي لا تخف. وقال الزجاج: كلا رَدْعٌ وتنبيه، أي: لا يقدرون على ذلك فَاذْهَبا بِآياتِنا خاطب به موسى خاصة بأن يذهب مع أخيه بآياتنا التسع إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ يعني: سامعين، وقد بيَّن ذلك في موضع آخر وهو قوله: أَسْمَعُ وَأَرى [طه: 46] والاستماع سبب للسمع فيعبر به عنه.
فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ (16) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ (17) قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ (19) قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20)
فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21) وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ (22)
قوله عز وجل: أْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ
يعني: موسى وحده، ويضاف الشيء إلى اثنين، والمراد به أحدهما. وقال القتبي: الرسول يكون بمعنى الجمع، كما يكون الضيف بمعنى الجمع. قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي [الحجر: 68] . وقال أبو عبيد: رسول بمعنى رسالة. ويقال رسول: يعني: به رسولين كقوله: إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ [طه: 47] فقال: نَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ
أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ يعني: قل لفرعون ذلك، ولم يذكر إتيانه إلى فرعون، لأن في الكلام دليلاً عليه. وقد بيّن في موضع آخر حيث قال: فَلَمَّا جاءَهُمْ مُوسى بِآياتِنا بَيِّناتٍ [القصص: 36] وقال مقاتل: نَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ
وانقطع الكلام، ثم انطلق موسى، وكان هارون بمصر، فانطلقا إلى فرعون قال مقاتل: فلم يأذن لهما سنة ثم أخبر البواب