كلّها مكية إلا آيات في آخرها وهي مائتان وسبع وعشرون آية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
طسم (?) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (?) لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3) إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (4)
وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (5) فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (6)
قول الله سبحانه وتعالى: طسم قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر: بإمالة الطاء، وقرأ أبو عمرو وابن كثير بالتفخيم، وهما لغتان معروفتان عند العرب، ويجوز كلاهما.
وقرأ نافع بين ذلك، وقرأ حمزة بإظهار النون، والباقون بالإدغام لتقارب مخرجهما. ومن لم يدغم أراد التبيين، وكلاهما جائز. وأما التفسير، فروى معمر عن قتادة أنه قال: «اسم من أسماء القرآن.» «1» ويقال: والطاء طوْله، والسين سَنَاؤُهُ، والميم ملكه ومجده «2» . ويقال: الطاء شجرة طوبى، والسين سدرة المنتهى، والميم محمد المصطفى صلّى الله عليه وسلّم. وقال بعضهم: عجزت العلماء عن تفسيرها. ويقال: هو قسم أقسم الله تعالى به.
تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ يعني: هذه آيات الكتاب. ويقال: تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ التي كنت وعدت في التوراة أن أنزلها على محمد صلّى الله عليه وسلّم الْكِتابِ الْمُبِينِ يعني: القرآن يبين لكم الحق من الباطل لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ يعني: مهلك نفسك. ويقال: قاتل نفسك بالحزن أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ يعني: إذا لم يصدقوا بالقرآن، وذلك حين كذبه أهل مكة شقّ ذلك عليه وحزن بذلك، فقال له: ليس عليك سوى التبليغ، ولا تقتل نفسك إن لم يؤمنوا.
ثم قال عز وجل: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً يعني: علامة فَظَلَّتْ يعني:
فصارت أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ يعني: وننزل عليهم آية تضطرهم إلى أن يؤمنوا، ولكنه لم يفعل، لأنه لو فعل ذلك لذهبت المحنة، فلم يستوجبوا الثواب إذا آمنوا بعد معاينة العذاب، كمن آمن يوم القيامة لا ينفعه إيمانه، لأنه قد ظهر له بالمعاينة. ويقال: فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ يعني:
ساداتهم وكبراؤهم للآية خاضِعِينَ، والأعناق: الكبراء، فإن قيل: جمع الأعناق مؤنث.