أَوْ مُشْرِكَةً، فقال: «يا مَرْثَدُ لا تَنْكِحْهَا» (?) وروى سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: «ليس هو على النكاح، ولكنه الجماع» ويقال: «إن أصحاب الصفة استأذنوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأن يتزوجوا الزواني، وكانت لهن رايات كعلامة البيطار لتعرف أنها زانية، وقالوا: لنا في تزويجهن مراد، فأذن لنا فإنهن أخصب أهل المدينة وأكثرهم خيراً، والمدينة غالية السعر، وقد أصابنا الجهد. فإذا جاءنا الله تعالى بالخير طلقناهن وتزوجنا المسلمات» ، فنزلت الآية الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً.
وقال سعيد بن جبير، والضحاك: الزانى لا يزني حين يزني إلا بزانية مثله في الزنى، والزانية لا تزني إلا بزان مثلها في الزنى. وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ يعني: الزنى. وقال الحسن البصري: الزَّانِي المجلود بالزنى، لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً مجلودة مثله في الزنى.
وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «أن مجلوداً تزوج امرأة غير مجلودة، ففرق بينهما» (?) ويقال: أراد به النكاح، لا يَنْكِحُ، يعني: لا يتزوج. وكان التزويج حراماً بهذه الآية، ثم نسخ بما روي أن رجلاً قال للنبي صلّى الله عليه وسلّم: إن امرأتي لا ترد يد لامس، فقال: «طَلِّقْهَا» .
قال: إني أحبها، فقال: «أَمْسِكْهَا» (?) . وقال سعيد بن المسيب: الزَّانِي لاَ يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً.
كانوا يرون أن الآية التي بعدها نسختها وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ [النور: 32] الآية.
ثم قال عز وجل: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ، يعني: يقذفون العفائف من النساء، الحرائر المسلمات ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ على صدق مقالتهم، فَاجْلِدُوهُمْ يقول:
للحكام ويقال: هذا الخطاب لجميع المسلمين، ثم إن المسلمين فوضوا الأمر إلى الإمام وإلى القاضي، ليقيم عليهم الحد. ثَمانِينَ جَلْدَةً، يعني: ثمانين سوطاً. وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً، أي: لا تقبلوا لهم شهادة بعد إقامة الحد عليهم. وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ، يعني:
العاصين.
قال عز وجل: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ، يعني: القذف. وَأَصْلَحُوا، يعني:
العمل بعد توبتهم، فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ لذنوبهم بعد التوبة، رَحِيمٌ بهم بعد التوبة. وقال شريح:
«يقبل توبته فيما بينه وبين الله تعالى، فأما شهادته فلا تقبل أبداً» وقال إبراهيم النخعي رحمه الله: