أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك شهرين ينزل عليه القرآن، ويعيب المنافقين المتخلفين فيسمع من معه منهم، منهم الجلاس بن سويد. فقال الجلاس: والله لئن كان ما يقول محمد حقاً لإخواننا الذين خلفناهم وهم ساداتنا وأشرافنا، فنحن شر من الحمير. فقال عامر بن قيس الأنصارى للجلاس: أجل، والله إنّ محمداً لصادق وأنت شرّ من الحمار. وبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستحضر فحلف بالله ما قال: فرفع عامر يده فقال: اللهم أنزل على عبدك ونبيك تصديق الكاذب وتكذيب الصادق (?) فنزلت يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا فقال الجلاس:
يا رسول الله، لقد عرض الله علىّ التوبة. والله لقد قلته وصدق عامر، فتاب الجلاس وحسنت (?) توبته وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وأظهروا كفرهم بعد إظهارهم الإسلام وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وهو الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك عند مرجعه من تبوك: تواثق خمسة عشر منهم على أن يدفعوه عن راحلته إلى الوادي إذا تسنم العقبة بالليل، فأخذ عمار بن ياسر بخطام راحلته يقودها وحذيفة خلفها يسوقها، فبينما هما كذلك إذ سمع حذيفة بوقع أخفاف الإبل وبقعقعة السلاح، فالتفت فإذا قوم متلثمون، فقال: إليكم إليكم يا أعداء الله (?) ، فهربوا. وقيل: