بما نجدّد من ذلك فقيل لهم: اعلموا أنّ الله ورسوله قد برئا مما عاهدتم به المشركين. وروى أنهم عاهدوا المشركين من أهل مكة وغيرهم من العرب، فنكثوا إلا ناساً منهم وهم بنو ضمرة وبنو كنانة فبذ العهد إلى الناكثين، وأمروا أن يسيحوا في الأرض أربعة أشهر آمنين أين شاءوا لا يتعرّض لهم، وهي الأشهر الحرم في قوله فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ وذلك لصيانة الأشهر الحرم من القتل والقتال فيها، وكان نزولها سنة تسع من الهجرة وفتح مكة سنة ثمان، وكان الأمير فيها عتاب بن أسيد، فأمّر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضى الله عنه على موسم سنة تسع، ثم أتبعه علياً رضى الله عنه راكب العضباء ليقرأها على أهل الموسم، فقيل له: لو بعثت بها إلى أبى بكر رضى الله عنه؟ فقال: لا يؤدى عنى إلا رجل منى، فلما دنا علىّ سمع أبو بكر الرغاء، فوقف، وقال: هذا رغاء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما لحقه قال: أمير أو مأمور؟ قال: مأمور. وروى أنّ أبا بكر لما كان ببعض الطريق هبط جبريل عليه السلام فقال: يا محمد، لا يبلغنّ رسالتك إلا رجل منك، فأرسل علياً، فرجع أبو بكر رضى الله عنهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أشىء نزل من السماء قال: نعم، فسر وأنت على الموسم، وعلىّ ينادى بالآى. فلما كان قبل التروية خطب أبو بكر رضى الله عنه وحدثهم عن مناسكهم، وقام على رضى الله عنه يوم النحر عند جمرة العقبة فقال: يا أيها الناس، إنى رسول رسول الله إليكم. فقالوا: بماذا؟ فقرأ عليهم ثلاثين أو أربعين آية (?) . وعن مجاهد رضى الله عنه ثلاث عشرة آية، ثم قال: أمرت بأربع: أن لا يقرب البيت بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا كل