وهو وإن كان محدثا لا يستشهد بشعره في اللغة، فهو من علماء العربية، فاجعل ما يقوله بمنزلة ما يرويه. ألا ترى إلى قول العلماء: الدليل عليه بيت الحماسة، فيقتنعون بذلك لوثوقهم بروايته وإتقانه. ومعنى قامُوا وقفوا وثبتوا في مكانهم. ومنه: قامت السوق، إذا ركدت وقام الماء: جمد. ومفعول شاءَ محذوف، لأن الجواب يدل عليه. والمعنى: ولو شاء اللَّه أن يذهب بسمعهم وأبصارهم لذهب بها، ولقد تكاثر هذا الحذف في «شاء» و «أراد» لا يكادون يبرزون المفعول إلا في الشيء المستغرب كنحو قوله:
فلَوْ شِئْتُ أَنْ أَبْكِى دَماً لَبَكَيْتُهُ (?)
وقوله تعالى «لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا، (لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) .
وأراد: ولو شاء اللَّه لذهب بسمعهم بقصيف الرعد، وأبصارهم بوميض البرق. وقرأ ابن أبى عبلة: لأذهب بأسماعهم، بزيادة الباء كقوله: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ) . والشيء: ما صح أن يعلم ويخبر عنه. قال سيبويه- في ساقة الباب المترجم بباب مجارى أواخر الكلم من العربية-: وإنما يخرج التأنيث من التذكير. ألا ترى أن الشيء يقع على كل ما أخبر عنه من قبل أن يعلم أذكر هو أم أنثى؟. والشيء: مذكر، وهو أعم العام: كما أن اللَّه أخص الخاص يجرى على الجسم والعرض