قتلهم. ولكن الله رمى، بتخفيف «لكن» ورفع ما بعده وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ وليعطيهم بَلاءً حَسَناً عطاء جميلا. قال زهير:
فَأبْلَاهُمَا خَيْرَ الْبَلَاءِ الَّذِى يَبْلُو «1»
والمعنى: وللإحسان إلى المؤمنين فعل ما فعل، وما فعله إلا لذلك إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لدعائهم عَلِيمٌ بأحوالهم.
ذلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ (18)
ذلِكُمْ إشارة إلى البلاء الحسن، ومحله الرفع: أى الغرض ذلكم وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ معطوف على ذلك. يعنى: أن الغرض إبلاء المؤمنين وتوهين كيد الكافرين. وقرئ: موهن، بالتشديد. وقرئ على الإضافة، وعلى الأصل الذي هو التنوين والإعمال.
[سورة الأنفال (8) : آية 19]
إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19)
إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ خطاب لأهل مكة على سبيل التهكم، وذلك أنهم حين أرادوا أن ينفروا تعلقوا بأستار الكعبة وقالوا: اللهمّ انصر أقرانا للضيف وأوصلنا للرحم وأفكنا للعانى، إن كان محمد على حق فانصره، وإن كنا على حق فانصرنا. وروى أنهم قالوا:
اللهمّ انصر أعلى الجندين، وأهدى الفئتين، وأكرم الحزبين. وروى أنّ أبا جهل قال يوم بدر:
اللهمّ أينا كان أهجر وأقطع للرحم فأحنه اليوم، أى فأهلكه. وقيل: إِنْ تَسْتَفْتِحُوا خطاب للمؤمنين وَإِنْ تَنْتَهُوا خطاب للكافرين، يعنى: وإن تنتهوا عن عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وأسلم وَإِنْ تَعُودُوا لمحاربته نَعُدْ لنصرته عليكم وَأَنَّ اللَّهَ قرئ بالفتح على: ولأنّ الله معين المؤمنين كان ذلك. وقرئ بالكسر، وهذه أوجه. ويعضدها قراءة ابن مسعود: والله مع المؤمنين. وقرئ: ولن يغنى عنكم، بالياء للفصل.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (21) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (22) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23)