وصاحبا. أو ولا تعتقد أنى واحد من الظالمين مع براءتي منهم ومن ظلمهم. لما اعتذر إليه أخوه وذكر له شماتة الأعداء قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي ليرضى أخاه ويظهر لأهل الشماتة رضاه عنه فلا تتم لهم شماتتهم، واستغفر لنفسه مما فرط منه إلى أخيه، ولأخيه أن عسى فرط في حسن الخلافة. وطلب أن لا يتفرقا عن رحمته، ولا تزال منتظمة لهما في الدنيا والآخرة.
إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (152)
غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ الغضب ما أمروا به من قتل أنفسهم. والذلة: خروجهم من ديارهم لأنّ ذل الغربة مثل مضروب. وقيل: هو ما نال أبناءهم وهم بنو قريظة والنضير، من غضب الله تعالى بالقتل والجلاء، ومن الذلة بضرب الجزية الْمُفْتَرِينَ المتكذبين على الله، ولا فرية أعظم من قول السامري: هذا إلهكم وإله موسى. ويجوز أن يتعلق في الحياة الدنيا بالذلة وحدها ويراد: سينالهم غضب في الآخرة، وذلة في الحياة الدنيا، وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله.
[سورة الأعراف (7) : آية 153]
وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (153)
وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ من الكفر والمعاصي كلها ثُمَّ تابُوا ثم رجعوا مِنْ بَعْدِها إلى الله واعتذروا إليه وَآمَنُوا وأخلصوا الإيمان إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها من بعد تلك العظائم لَغَفُورٌ لستور عليهم محاء لما كان منهم رَحِيمٌ منعم عليهم بالجنة. وهذا حكم عام يدخل تحته متخذو العجل ومن عداهم. عظم جنايتهم «1» أولا ثم أردفها تعظيم رحمته، ليعلم أن الذنوب وإن جلت وعظمت فإن عفوه وكرمه أعظم وأجل، ولكن لا بدّ من حفظ الشريطة: وهي وجوب التوبة «2» والإنابة، وما وراءه طمع فارغ وأشعبية باردة «3» ، لا يلتفت إليها حازم.