كما كان مستقراً ثابتاً ذاهباً (?) في جهاته فَسَوْفَ تَرانِي تعليق لوجود الرؤية بوجود ما لا يكون من استقرار الجبل مكانه حين يدكه دكا ويسويه بالأرض، وهذا كلام مدمج بعضه في بعض، وارد على أسلوب عجيب ونمط بديع. ألا ترى كيف تخلص من النظر إلى النظر بكلمة الاستدراك؟ ثم كيف بنى الوعيد بالرجفة الكائنة بسبب طلب النظر على الشريطة في وجود الرؤية؟ أعنى قوله فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي. فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ فلما ظهر له اقتداره وتصدى له أمره وإرادته جَعَلَهُ دَكًّا أى مدكوكا مصدر بمعنى مفعول كضرب الأمير. والدكّ والدقّ أخوان، كالشك والشق. وقرئ دكاء. والدكاء: اسم للرابية الناشزة من الأرض، كالدكة أو أرضاً دكاء مستوية. ومنه قولهم: ناقة دكاء متواضعة السنام، وعن الشعبي: قال لي الربيع بن خثيم: ابسط يدك دكاء، أى مدّها مستوية. وقرأ يحيى بن وثاب: دكا، أى قطعاً دكا جمع دكاء وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً من هول ما رأى. وصعق من باب: فعلته ففعل. يقال صعقته فصعق. وأصله من الصاعقة. ويقال لها الصاقعة، من صقعه إذا ضربه على رأسه ومعناه: خرّ مغشياً عليه غشية كالموت، وروى أنّ الملائكة مرّت عليه وهو مغشى عليه (?) فجعلوا يلكزونه بأرجلهم ويقولون: يا ابن النساء الحيض أطمعت في رؤية رب العزة؟ فَلَمَّا أَفاقَ من صعقته قالَ سُبْحانَكَ أنزهك مما لا يجوز عليك من الرؤية وغيرها تُبْتُ إِلَيْكَ من طلب الرؤية وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ بأنك لست بمرئىّ ولا مدرك بشيء من الحواس. فإن قلت: فإن كان طلب الرؤية للغرض الذي ذكرته، فممّ تاب (?) ؟ قلت: من إجرائه تلك المقالة العظيمة وإن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015