القطع والصلب، أو إنا جميعاً يعنون أنفسهم وفرعون ننقلب إلى الله فيحكم بيننا. أو إنا لا محالة ميتون منقلبون إلى الله، فما تقدر أن تفعل بنا إلا ما لا بد لنا منه وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا وما تعيب منا إلا الإيمان بآيات الله، أرادوا: وما تعيب منا إلا ما هو أصل المناقب والمفاخر كلها، وهو الإيمان. ومنه قوله:
ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم «1»
أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً هب لنا صبراً واسعاً وأكثره علينا، حتى يفيض علينا ويغمرنا، كما يفرغ الماء فراغا. وعن بعض السلف: إن أحدكم ليفرغ على أخيه ذنوباً ثم يقول: قد مازحتك، أى يغمره بالحياء والخجل. أو صب علينا ما يطهرنا من أوضار الآثام، وهو الصبر على ما توعدنا به فرعون، لأنهم علموا أنهم إذا استقاموا وصبروا كان ذلك مطهرة لهم وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ ثابتين على الإسلام.
وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قالَ سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ (127)
وَيَذَرَكَ عطف على لِيُفْسِدُوا لأنه إذا تركهم ولم يمنعهم، وكان ذلك مؤدّيا إلى ما دعوه فساداً وإلى تركه وترك آلهته، فكأنه تركهم لذلك. أو هو جواب للاستفهام بالواو كما يجاب بالفاء، نحو قول الحطيئة:
ألم أك جاركم ويكون بيني ... وبينكم المودّة والإخاء «2»
والنصب بإضمار «أن» تقديره: أيكون منك ترك موسى، ويكون تركه إياك وآلهتك. وقرئ:
ويذرك وآلهتك بالرفع عطفا على أتذر موسى، بمعنى: أتذره وأ يذرك، يعنى: تطلق له ذلك.
أو يكون مستأنفا أو حالا على معنى: أتذره وهو يذرك وآلهتك. وقرأ الحسن: ويذرك بالجزم،