والضحى- في الأصل- اسم لضوء الشمس إذا أشرقت وارتفعت. والفاء والواو في أَفَأَمِنَ وأَ وَأَمِنَ حرفا عطف دخلت عليهما همزة الإنكار. فإن قلت: ما المعطوف عليه؟ ولم عطفت الأولى بالفاء والثانية بالواو؟ قلت: المعطوف عليه قوله فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً وقوله وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى إلى يَكْسِبُونَ وقع اعتراضاً بين المعطوف والمعطوف عليه. وإنما عطف بالفاء، لأنّ المعنى: فعلوا وصنعوا فأخذناهم بغتة أبعد ذلك أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتاً وأمنوا أن يأتيهم بأسنا ضحى؟ وقرئ: أو أمن، على العطف بأو وَهُمْ يَلْعَبُونَ يشتغلون بما لا يجدى عليهم كأنهم يلعبون.
أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ (99)
فإن قلت: فلم رجع فعطف بالفاء قوله أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ؟ قلت: هو تكرير لقوله أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى ومكر الله: استعارة لأخذه العبد من حيث لا يشعر. ولاستدراجه. فعلى العاقل أن يكون في خوفه من مكر الله، كالمحارب الذي يخاف من عدوّه الكمين والبيات والغيلة. وعن الربيع بن خثيم، أن ابنته قالت له: مالى أرى الناس ينامون ولا أراك تنام، فقال: يا بنتاه، إنّ أباك يخاف البيات، أراد قوله أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً
[سورة الأعراف (7) : آية 100]
أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (100)
إذا قرئ أَوَلَمْ يَهْدِ بالياء كان أَنْ لَوْ نَشاءُ مرفوعاً بأنه فاعله، بمعنى: أو لم يهد للذين يخلفون، من خلا قبلهم في ديارهم ويرثون أرضهم هذا الشأن، وهو أنا لو نشاء أصبناهم بذنوبهم، كما أصبنا من قبلهم، وأهلكنا الوارثين كما أهلكنا المورّثين. وإذا قرئ بالنون، فهو منصوب كأنه قيل: أو لم يهد الله للوارثين هذا الشأن، بمعنى: أولم نبين لهم أنا لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ كما أصبنا من قبلهم. وإنما عدّى فعل الهداية باللام لأنه بمعنى التبيين. فإن قلت: بم تعلق قوله تعالى وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ «1» ؟ قلت: فيه أوجه، أن يكون معطوفا على ما دلّ عليه