وهو الحق لَمَّا جاءَهُمْ يعني القرآن الذي تحدّوا به على تبالغهم في الفصاحة فعجزوا عنه فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ الشيء الذي كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ وهو القرآن، أى أخباره وأحواله، بمعنى:
سيعلمون بأى شيء استهزءوا. وسيظهر لهم أنه لم يكن بموضع استهزاء، وذلك عند إرسال العذاب عليهم في الدنيا أو يوم القيامة، أو عند ظهور الإسلام وعلوّ كلمته.
أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (6)
مكن له في الأرض: جعل له مكانا فيها. ونحوه: أرّض له. ومنه قوله إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ وأمّا مكنته في الأرض فأثبته فيها. ومنه قوله وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ ولتقارب المعنيين جمع بينهما في قوله مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ والمعنى لم نعط أهل مكة نحو ما أعطينا عاداً وثمود وغيرهم، من البسطة في الأجسام، والسعة في الأموال والاستظهار بأسباب الدنيا. والسماء المظلة، لأن الماء ينزل منها إلى السحاب، أو السحاب أو المطر. والمدرار: المغزار. فإن قلت: أى فائدة في ذكر إنشاء قرن آخرين بعدهم؟ قلت: الدلالة على أنه لا يتعاظمه أن يهلك قرنا ويخرب بلاده منهم؟ فإنه قادر على أن ينشئ مكانهم آخرين يعمر بهم بلاده، كقوله تعالى: وَلا يَخافُ عُقْباها
وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (7) وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ (8) وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ (9)
كِتاباً مكتوبا فِي قِرْطاسٍ في ورق فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ ولم يقتصر بهم على الرؤية، لئلا يقولوا «1» سكرت أبصارنا، ولا تبقى لهم علة. لقالوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ تعنتا وعناداً