أبو حنيفة بعموم قوله: صيد البر؟ قلت قد أخذ أبو حنيفة رحمه اللَّه بالمفهوم من قوله: (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً) لأن ظاهره أنه صيد المحرمين دون صيد غيرهم، لأنهم هم المخاطبون فكأنه قيل: وحرم عليكم ما صدتم في البر، فيخرج منه مصيد غيرهم، ومصيدهم حين كانوا غير محرمين. ويدل عليه قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) وقرأ ابن عباس رضى اللَّه عنه: وحرّم عليكم صيد البرّ، أى اللَّه عزّ وجلّ. وقرئ (ما دُمْتُمْ) بكسر الدال، فيمن يقول دام يدام.
جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (97) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (98)
الْبَيْتَ الْحَرامَ عطف بيان على جهة المدح، لا على جهة التوضيح، كما تجيء الصفة كذلك قِياماً لِلنَّاسِ انتعاشاً لهم «1» في أمر دينهم ودنياهم، ونهوضاً إلى أغراضهم ومقاصدهم في معاشهم ومعادهم، لما يتم لهم من أمر حجهم وعمرتهم وتجارتهم، وأنواع منافعهم. وعن عطاء ابن أبى رباح: لو تركوه عاماً واحداً لم ينظروا ولم يؤخروا وَالشَّهْرَ الْحَرامَ الشهر الذي يؤدى فيه الحج، وهو ذو الحجة، لأنّ لاختصاصه من بين الأشهر بإقامة موسم الحج فيه شأناً قد عرّفه اللَّه تعالى. وقيل عنى به جنس الأشهر الحرم وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ والمقلد منه خصوصاً