بَقِيتُ وَفْرى وَانْحَرَفْتُ عَنِ الْعُلَا ... وَلَقِيتُ أضْيَافِى بِوَجْهِ عَبُوسِ (?)
ويجوز أن يكون دعاء عليهم بغل الأيدى حقيقة، يغللون في الدنيا أسارى، وفي الآخرة معذبين بأغلال جهنم: والطباق من حيث اللفظ وملاحظة أصل المجاز، كما تقول: سبني سب اللَّه دابره، أى قطعه لأنّ السب أصله القطع. فإن قلت: كيف جاز أن يدعو اللَّه عليهم بما هو قبيح وهو البخل والنكد؟ قلت: المراد به الدعاء بالخذلان الذي تقسو به قلوبهم، فيزيدون بخلا إلى بخلهم ونكداً إلى نكدهم، أو بما هو مسبب عن البخل والنكد من لصوق العار بهم وسوء الأحدوثة التي تخزيهم وتمزق أعراضهم. فإن قلت: لم ثنيت اليد في قوله تعالى: (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) وهي مفردة في: (يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ) (?) ؟ قلت: ليكون ردّ قولهم وإنكاره أبلغ وأدل على إثبات غاية السخاء له ونفى البخل عنه. وذلك أنّ غاية ما يبذله السخي بماله من نفسه أن يعطيه بيديه جميعاً فبنى المجاز على ذلك. وقرئ (وَلُعِنُوا) بسكون العين. وفي مصحف عبد اللَّه: بل يداه بسطان.
يقال: يده بسط بالمعروف. ونحوه مشية شحح (?) وناقة صرح يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ تأكيد