آمنوا نفاقا، أو واطأت قلوبهم ألسنتهم إلا أنهم مفرطون في العمل وَهُمْ راكِعُونَ الواو فيه للحال، أى يعملون ذلك في حال الركوع وهو الخشوع والإخبات والتواضع للَّه إذا صلوا وإذا زكوا. وقيل: هو حال من يؤتون الزكاة، بمعنى يؤتونها في حال ركوعهم في الصلاة، وإنها نزلت في علىّ كرم اللَّه وجهه حين سأله سائل وهو راكع في صلاته فطرح له خاتمه «1» ، كأنه كان مرجا «2» في خنصره، فلم يتكلف لخلعه كثير عمل تفسد بمثله صلاته. فإن قلت: كيف صح أن يكون لعلىّ رضى اللَّه عنه واللفظ لفظ جماعة؟ قلت: جيء به على لفظ الجمع وإن كان السبب فيه رجلا واحداً، ليرغب الناس في مثل فعله فينالوا مثل ثوابه، ولينبه على أن سجية المؤمنين يجب أن تكون على هذه الغاية من الحرص على البرّ والإحسان وتفقد الفقراء، حتى إن لزهم أمر لا يقبل «3» التأخير وهم في الصلاة، لم يؤخروه إلى الفراغ منها.

[سورة المائدة (5) : آية 56]

وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ (56)

فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ من إقامة الظاهر مقام المضمر «4» . ومعناه: فإنهم هم الغالبون، ولكنهم بذلك جعلوا أعلاما لكونهم حزب اللَّه. وأصل الحزب؟ القوم يجتمعون لأمر حزبهم. ويحتمل أن يريد بحزب اللَّه: الرسول والمؤمنين. ويكون المعنى: ومن يتولهم فقد تولى حزب اللَّه، واعتضد بمن لا يغالب.

[سورة المائدة (5) : الآيات 57 الى 58]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57) وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (58)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015