يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يحاربون رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، ومحاربة المسلمين في حكم محاربته وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً مفسدين، أو لأنّ سعيهم في الأرض لما كان على طريق الفساد نزل منزلة: ويفسدون في الأرض فانتصب فسادا. على المعنى، ويجوز أن يكون مفعولا له، أى للفساد. نزلت في قوم هلال بن عويمر وكان بينه وبين رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عهد وقد مرّ بهم قوم يريدون رسول اللَّه فقطعوا عليهم. وقيل: في العرنيين، فأوحى إليه أنّ من جمع بين القتل وأخذ المال قتل وصلب ومن أفرد القتل قتل. ومن أفرد أخذ المال قطعت يده لأخذ المال، ورجله لإخافة السبيل. ومن أفرد الإخافة نفى من الأرض. وقيل: هذا حكم كل قاطع طريق كافرا كان أو مسلما. ومعناه أَنْ يُقَتَّلُوا من غير صلب، إن أفردوا القتل أَوْ يُصَلَّبُوا مع القتل إن جمعوا بين القتل والأخذ. قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما اللَّه، يصلب حيا، ويطعن حتى يموت أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ إن أخذوا المال أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ إذا لم يزيدوا على الإخافة. وعن جماعة منهم الحسن والنخعي: أن الإمام مخير بين هذه العقوبات في كل قاطع طريق من غير تفصيل. والنفي: الحبس عند أبى حنيفة، وعند الشافعي: النفي من بلد إلى بلد، لا يزال يطلب وهو هارب فزعا، وقيل: ينفى من بلده، وكانوا ينفونهم إلى «دهلك» وهو بلد في أقصى تهامة، و «ناصع» وهو بلد من بلاد الحبشة خِزْيٌ ذلّ وفضيحة إِلَّا الَّذِينَ تابُوا استثناء من المعاقبين عقاب قطع الطريق خاصة. وأما حكم القتل والجراح وأخذ المال فإلى الأولياء، إن شاءوا عفوا، وإن شاءوا استوفوا. وعن على رضى اللَّه عنه: أنه الحرث بن بدر «1» جاءه تائبا بعد ما كان يقطع الطريق، فقبل توبته ودرأ عنه العقوبة.

[سورة المائدة (5) : آية 35]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)

الوسيلة: كل ما يتوسل به أى يتقرّب من قرابة أو صنيعة أو غير ذلك، فاستعيرت لما يتوسل به إلى اللَّه تعالى من فعل الطاعات وترك المعاصي. وأنشد للبيد:

أَرَى النَّاسَ لَا يَدْرُونَ مَا قَدْرُ أمْرِهِمْ ... أَلَا كُلُّ ذّ لُبٍ إلىَ اللَّهِ وَاسِلُ «2»

طور بواسطة نورين ميديا © 2015