ولأنّ ذكر أحدهما يدل على ذكر الثاني، كما حذف أحدهما في التفصيل في قوله عقيب هذا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ والثاني، وهو أن الإحسان إلى غيرهم مما يغمهم، فكان داخلا في جملة التنكيل بهم فكأنه قيل: ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر، فسيعذب بالحسرة إذا رأى أجور العاملين وبما يصيبه من عذاب اللَّه. البرهان والنور المبين: القرآن. أو أراد بالبرهان دين الحق أو رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم. وبالنور المبين: ما يبينه ويصدقه من الكتاب المعجز فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ في ثواب مستحق وتفضل وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ إلى عبادته صِراطاً مُسْتَقِيماً وهو طريق الإسلام. والمعنى: توفيقهم وتثبيتهم.
يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)
روى أنه آخر ما نزل من الأحكام «1» . كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في طريق مكة عام حجة الوداع، فأتاه جابر بن عبد اللَّه فقال: إنّ لي أختا، فكم آخذ من ميراثها إن ماتت؟ «2» وقيل: كان مريضا فعاده رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال: إنى كلالة فكيف أصنع في مالى؟ «3» فنزلت إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ ارتفع امرؤ بمضمر يفسره الظاهر. ومحل لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ الرفع على الصفة لا النصب على الحال. أى: إن هلك امرؤ غير ذى ولد. والمراد بالولد الابن وهو اسم مشترك يجوز إيقاعه على الذكر وعلى الأنثى لأن الابن يسقط الأخت، ولا تسقطها البنت إلا في مذهب ابن عباس، وبالأخت التي هي لأب وأم دون التي لأم، لأنّ اللَّه تعالى فرض لها النصف وجعل أخاها عصبة وقال فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وأما الأخت للأم فلها السدس