والولائد «الولدان» لتغليب الذكور على الإناث كما يقال الآباء والإخوة. فإن قلت: لم ذكر الظالم وموصوفه مؤنث «1» ؟ قلت: هو وصف للقرية إلا أنه مسند إلى أهلها، فأعطى إعراب القرية لأنه صفتها، وذكر لإسناده إلى الأهل كما تقول من هذه القرية التي ظلم أهلها، ولو أنث فقيل: الظالمة أهلها، لجاز لا لتأنيث الموصوف، ولكن لأن الأهل يذكر ويؤنث. فإن قلت:

هل يجوز من هذه القرية الظالمين أهلها؟ قلت: نعم، كما تقول: التي ظلموا أهلها، على لغة من يقول أكلونى البراغيث، ومنه (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) . رغب اللَّه المؤمنين ترغيبا وشجعهم تشجيعا بإخبارهم أنهم إنما يقاتلون في سبيل اللَّه. فهو وليهم وناصرهم، وأعداؤهم يقاتلون في سبيل الشيطان فلا ولىّ لهم إلا الشيطان، وكيد الشيطان للمؤمنين إلى جنب كيد اللَّه للكافرين أضعف شيء وأوهنه.

[سورة النساء (4) : آية 77]

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْلا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (77)

(كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ) أى كفوها عن القتال وذلك أن المسلمين كانوا مكفوفين عن مقاتلة الكفار ما داموا بمكة، وكانوا يتمنون أن يؤذن لهم فيه فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ بالمدينة كع فريق منهم «2» لا شكا في الدين ولا رغبة عنه، ولكن نفوراً عن الإخطار بالأرواح وخوفا من الموت كَخَشْيَةِ اللَّهِ من إضافة المصدر «3» إلى المفعول، فإن قلت: ما محل (كَخَشْيَةِ اللَّهِ)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015