و (غَيْرَ مُسْمَعٍ) موضع: لا أسمعت مكروها. أو يفتلون بألسنتهم ما يضمرونه من الشتم إلى ما يظهرونه من التوقير نفاقا. فان قلت: كيف جاءوا بالقول المحتمل ذى الوجهين بعد ما صرحوا وقالوا سمعنا وعصينا؟ قلت: جميع الكفرة كانوا يواجهونه بالكفر والعصيان. ولا يواجهونه بالسب ودعاء السوء. ويجوز أن يقولوه فيما بينهم. ويجوز أن لا ينطقوا بذلك، ولكنهم لما لم يؤمنوا جعلوا كأنهم نطقوا به. وقرأ أبىّ: وأنظرنا، من الإنظار وهو الإمهال. فان قلت:

إلام يرجع الضمير في قوله لَكانَ خَيْراً لَهُمْ؟ قلت: إلى (أَنَّهُمْ قالُوا) لأن المعنى. ولو ثبت قولهم سمعنا وأطعنا. لكان قولهم ذلك خيراً لهم وَأَقْوَمَ وأعدل وأسدّ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ أى خذلهم بسبب كفرهم، وأبعدهم عن ألطافه فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا إيماناً قَلِيلًا أى ضعيفاً ركيكا لا يعبأ به، وهو إيمانهم بمن خلقهم مع كفرهم بغيره، أو أراد بالقلة العدم، كقوله:

قَلِيلُ التَّشَكِّى لِلْمُهِمِّ يُصِيبُهُ «1»

أى عديم التشكي، أو إلا قليلا منهم قد آمنوا.

[سورة النساء (4) : آية 47]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً (47)

أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً أى نمحو تخطيط صورها، من عين وحاجب وأنف وفم فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها فنجعلها على هيئة أدبارها، وهي الأقفاء مطموسة مثلها. والفاء للتسبيب، وإن جعلتها للتعقيب على أنهم توعدوا بعقابين: أحدهما عقيب الآخر، ردها على أدبارها بعد طمسها فالمعنى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015