يختص بك وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ فيما يختص بحق اللَّه إتماما للشفقة عليهم وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ يعنى في أمر الحرب ونحوه مما لم ينزل عليك فيه وحي لتستظهر برأيهم، ولما فيه من تطييب نفوسهم والرفع من أقدارهم. وعن الحسن رضى اللَّه تعالى عنه، قد علم اللَّه أنه ما به إليهم حاجة، ولكنه أراد أن يستنّ به من بعده. وعن النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم «ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمرهم» «1» وعن أبى هريرة رضى اللَّه عنه: ما رأيت أحداً أكثر مشاورة من أصحاب الرسول صلى اللَّه عليه وسلم «2» . وقيل: كان سادات العرب إذا لم يشاوروا في الأمر شق عليهم فأمر اللَّه رسوله صلى اللَّه عليه وسلم بمشاورة أصحابه لئلا يثقل عليهم استبداده بالرأى دونهم.
وقرئ: وشاورهم في بعض الأمر فَإِذا عَزَمْتَ فإذا قطعت الرأى على شيء بعد الشورى فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ في إمضاء أمرك على الأرشد الأصلح، فإن ما هو أصلح لك لا يعلمه إلا اللَّه لا أنت ولا من تشاور. وقرئ (فَإِذا عَزَمْتَ) بضم التاء، بمعنى فإذا عزمت لك على شيء وأرشدتك إليه فتوكل علىّ ولا تشاور بعد ذلك أحداً.
إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160) وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (161) أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162)
إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ كما نصركم يوم بدر فلا أحد يغلبكم وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ كما خذلكم يوم أحد أحد فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ فهذا تنبيه على أن الأمر كله للَّه وعلى وجوب التوكل عليه. ونحوه (ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ) . مِنْ بَعْدِهِ من بعد خذلانه. أو هو من قولك ليس لك من يحسن إليك من بعد فلان تريد إذا جاوزته. وقرأ عبيد بن عمير: