الجمعة وأصبح بالشعب من أحد يوم السبت للنصف من شوال فمشى على رجليه فجعل يصف أصحابه للقتال كأنما بقوّم بهم القدح (?) . إن رأى صدراً خارجا قال: تأخر، وكان نزوله في عدوة الوادي وجعل ظهره وعسكره إلى أحد وأمّر عبد اللَّه بن جبير على الرماة وقال لهم: «انضحوا عنا بالنبل لا يأتونا من ورائنا» (?) تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ تنزلهم. وقرأ عبد اللَّه للمؤمنين، بمعنى تسوى لهم وتهيئ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ مواطن ومواقف. وقد اتسع في قعد وقام حتى أجريا مجرى صار. واستعمل المقعد والمقام في معنى المكان. ومنه قوله تعالى: (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ) ، (قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ) من مجلسك وموضع حكمك وَاللَّهُ سَمِيعٌ لأقوالكم عليم بنياتكم وضمائركم إِذْ هَمَّتْ بدل من (إِذْ غَدَوْتَ) أو عمل فيه معنى (سَمِيعٌ عَلِيمٌ) . والطائفتان حيان من الأنصار: بنو سلمة من الخزرج، وبنو حارثة من الأوس، وهما الجناحان. خرج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في ألف، وقيل في تسعمائة وخمسين، والمشركون في ثلاثة آلاف ووعدهم الفتح إن صبروا، فانخزل عبد اللَّه بن أبىّ بثلث الناس وقال: يا قوم، علام نقتل أنفسنا وأولادنا؟ فتبعهم عمرو بن حزم الأنصارى فقال: أنشدكم اللَّه في نبيكم وأنفسكم، فقال عبداك:

لو نعلم قتالا لاتبعناكم، فهمّ الحيان باتباع عبد اللَّه فعصمهم اللَّه فمضوا مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم (?) . وعن ابن عباس رضى اللَّه عنه: أضمروا أن يرجعوا، فعزم اللَّه لهم على الرشد فثبتوا.

والظاهر أنها ما كانت إلا همة وحديث نفس، وكما لا تخلو النفس عند الشدة من بعض الهلع، ثم يردها صاحبها إلى الثبات والصبر ويوطنها على احتمال المكروه، كما قال عمرو بن الأطنابة:

أَقُولُ لَهَا إذَا جَشَأتْ وَجَاشَتْ ... مَكَانَكِ تُحْمَدِى أوْ تَسْتَرِيحِى (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015