ساجدين، ومن الإيمان باللَّه، لأن إيمانهم به كلا إيمان لإشراكهم به عزيراً، وكفرهم ببعض الكتب والرسل دون بعض. ومن الإيمان باليوم الآخر، لأنهم يصفونه بخلاف صفته. ومن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، لأنهم كانوا مداهنين. ومن المسارعة في الخيرات، لأنهم كانوا متباطئين عنها غير راغبين فيها. والمسارعة في الخير: فرط الرغبة فيه لأن من رغب في الأمر سارع في توليه والقيام به وآثر الفور على التراخي وَأُولئِكَ الموصوفون بما وصفوا به مِنَ جملة الصَّالِحِينَ الذين صلحت أحوالهم عند اللَّه ورضيهم واستحقوا ثناءه عليهم. ويجوز أن يريد بالصالحين المسلمين فَلَنْ يُكْفَرُوهُ لما جاء وصف اللَّه عز وعلا بالشكر في قوله: (وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ) في معنى توفيه الثواب نفى عنه نقيض ذلك. فإن قلت: لم عدى إلى مفعولين. وشكر وكفر لا يتعديان إلا إلى واحد، تقول شكر النعمة وكفرها؟ قلت: ضمن معنى الحرمان، فكأنه قيل: فلن تحرموه بمعنى فلن تحرموا جزاءه. وقرئ يفعلوا، ويكفروه، بالياء والتاء وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ بشارة للمتقين بجزيل الثواب، ودلالة على أنه لا يفوز عنده إلا أهل التقوى.

[سورة آل عمران (3) : آية 117]

مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117)

الصرُّ: الريح الباردة «1» نحو: الصرصر. قال:

لَا تَعْدِلَنَّ أَتَاوِيِّينَ تَضْرِبُهُمْ ... نَكْبَاءَ صِرً بِأصْحَابِ الْمَحَلَّاتِ «2»

طور بواسطة نورين ميديا © 2015