العرب من جرهم ثم هدم فبنته العمالقة ثم هدم فبناه قريش. وعن ابن عباس: هو أوّل بيت حُجَّ بعد الطوفان. وقيل: هو أوّل بيت ظهر على وجه الماء عند خلق السماء والأرض، خلقه قبل الأرض بألفي عام، وكان زبدة بيضاء على الماء فدحيت الأرض تحته. وقيل: هو أوّل بيت بناه آدم في الأرض. وقيل: لما أهبط آدم قالت له الملائكة: طف حول هذا البيت فلقد طفنا قبلك بألفي عام، وكان في موضعه قبل آدم بيت يقال له الضراح، فرفع في الطوفان إلى السماء الرابعة تطوف به ملائكة السموات لَلَّذِي بِبَكَّةَ البيت الذي ببكة، وهي علم للبلد الحرام: ومكة وبكة لغتان فيه، نحو قولهم: النبيط والنميط، في اسم موضع بالدهناء: ونحوه من الاعتقاب: أمر راتب وراتم. وحمى مغمطة ومغبطة (?) . وقيل: مكة: البلد، وبكة: موضع المسجد. وقيل: اشتقاقها من «بكه» إذا زحمه لازدحام الناس فيها. وعن قتادة: يبك الناس بعضهم بعضاً الرجال والنساء، يصلى بعضهم بين يدي بعض، لا يصلح ذلك إلا بمكة كأنها سميت ببكة وهي الزحمة. قال:
إذَا الشَّرِيبُ أَخَذَتْهُ الأَكَّهْ ... فَخَلِّهِ حَتَّي يَبُكَّ بَكَّهْ (?)
وقيل: تبك أعناق الجبابرة أى تدقها. لم يقصدها جبار إلا قصمه اللَّه تعالى مُبارَكاً كثير الخير لما يحصل لمن حجه واعتمره وعكف عنده وطاف حوله من الثواب وتكفير الذنوب، وانتصابه على الحال من المستكن في الظرف، لأن التقدير للذي ببكة هو، والعامل فيه المقدر في الظرف من فعل الاستقرار وَهُدىً لِلْعالَمِينَ لأنه قبلتهم ومتعبدهم مَقامُ إِبْراهِيمَ عطف بيان لقوله (آياتٌ بَيِّناتٌ) . فإن قلت: كيف صح بيان الجماعة بالواحد (?) ؟ قلت: فيه وجهان: أحدهما أن يجعل وحده بمنزلة آيات كثيرة لظهور شأنه وقوة دلالته على قدرة اللَّه ونبوة إبراهيم من تأثير قدمه في حجر صلد، كقوله تعالى: (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً) والثاني: اشتماله على آيات (?) لأنّ أثر