عن يعقوب. ولو قلت: جاءني زيد وهند راكباً جاز لتميزه بالذكورة، أو على المدح. فإن قلت: أليس من حق المنتصب على المدح أن يكون معرفة كقولك: الحمد للَّه الحميد. «إنا معشر الأنبياء لا نورث» (?) . إنا بنى نهشل لا ندعى لأب؟ قلت: قد جاء نكرة كما جاء معرفة. وأنشد سيبويه فيما جاء منه نكرة قول الهذلي:
وَيَأْوِى إلَى نِسْوَةٍ عُطْلٍ ... وَشُعْثاً مَرَاضِيعَ مِثْلَ السَّعَالِى (?)
فإن قلت: هل يجوز أن يكون صفة للمنفي كأنه قيل: لا إله قائماً بالقسط إلا هو؟ قلت: لا يبعد، فقد رأيناهم يتسعون في الفصل بين الصفة والموصوف. فإن قلت: قد جعلته حالا من فاعل شهد، فهل يصح أن ينتصب حالا عن «هو» في: (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) ؟ قلت: نعم، لأنها حال مؤكدة والحال المؤكدة لا تستدعى أن يكون في الجملة التي هي زيادة في فائدتها عامل فيها، كقولك: أنا عبد اللَّه شجاعاً. وكذلك لو قلت: لا رجل إلا عبد اللَّه شجاعاً. وهو أوجه من انتصابه عن فاعل شهد، وكذلك انتصابه على المدح. فإن قلت: هل دخل قيامه بالقسط في حكم شهادة اللَّه والملائكة وأولى العلم كما دخلت الوحدانية؟ قلت: نعم إذا جعلته حالا من هو، أو نصباً على المدح منه، أو صفة للمنفي، كأنه قيل: شهد اللَّه والملائكة وأولو العلم أنه لا إله إلا هو، وأنه قائم بالقسط.
وقرأ عبد اللَّه: القائم بالقسط، على أنه بدل من هو، أو خبر مبتدإ محذوف. وقرأ أبو حنيفة:
قيما بالقسط الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ صفتان مقرّرّتان لما وصف به ذاته من الوحدانية والعدل، يعنى أنه العزيز الذي لا يغالبه إله آخر، الحكيم الذي لا يعدل عن العدل في أفعاله. فإن قلت: ما المراد بأولى العلم الذين عظمهم هذا التعظيم حيث جمعهم معه ومع الملائكة في الشهادة على وحدانيته وعدله؟ قلت: هم الذين يثبتون وحدانيته وعدله بالحجج الساطعة والبراهين القاطعة وهم علماء العدل (?) والتوحيد. وقرئ (أنه) بالفتح، و (إِنَّ الدِّينَ) بالكسر على أنّ الفعل واقع على أنه