يا ربّ أرجو لهم سوا كا ... يا ربّ فامنع منهم حما كا (?)

فالتفت وهو يدعو فإذا هو بطير من نحو اليمن فقال: والله إنها لطير غريبة ما هي ببحرية ولا تهامية (?) . وفيه: أنّ أهل مكة قد احتووا على أموالهم، وجمع عبد المطلب من جواهرهم وذهبهم الجور (?) ، وكان سبب يساره. وعن أبى سعيد الخدري رضى الله عنه أنه سئل عن الطير فقال: حمام مكة منها. وقيل جاءت عشية ثم صبحتهم. وعن عكرمة: من أصابته جدّرته وهو أوّل جدري ظهر. وقرئ: ألم تر، بسكون الراء للجد في إظهار أثر الجازم: والمعنى:

أنك رأيت آثار فعل الله بالحبشة، وسمعت الأخبار به متواترة، فقامت لك مقام المشاهدة.

وكَيْفَ في موضع نصب بفعل ربك، لا بألم تر، لما في كَيْفَ من معنى الاستفهام فِي تَضْلِيلٍ في تضييع وإبطال. يقال: ضلل كيده، إذا جعله ضالا ضائعا. ومنه قوله تعالى وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ وقيل لامرئ القيس: الملك الضليل، لأنه ضلل ملك أبيه، أى. ضيعه، يعنى: أنهم كادوا البيت أوّلا ببناء القليس، وأرادوا أن ينسخوا أمره بصرف وجوه الحاج إليه، فضلل كيدهم بإيقاع الحريق فيه، وكادوه ثانيا بإرادة هدمه، فضلل بإرسال الطير عليهم أَبابِيلَ حزائق، الواحدة: إبالة. وفي أمثالهم: ضغث على إبالة، وهي: الحزمة الكبيرة، شبهت الحزقة من الطير في تضامّها بالإبالة. وقيل: أبابيل مثل عباديد، وشماطيط لا واحد لها وقرأ أبو حنيفة رحمه الله، يرميهم، أى الله تعالى أو الطير، لأنه اسم جمع مذكر، وإنما يؤنث على المعنى. وسجيل: كأنه علم للديوان الذي كتب فيه عذاب الكفار، كما أن سجينا علم لديوان أعمالهم، كأنه قيل: بحجارة من جملة العذاب المكتوب المدوّن، واشتقاقه من الإسجال وهو الإرسال، لأنّ العذاب موصوف بذلك، وأرسل عليهم طيرا، فأرسلنا عليهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015