لكثرة وقوعه عليها إذا دبرت. فإن قلت: لم سمى شَهْرُ رَمَضانَ؟ قلت: الصوم فيه عبادة قديمة، فكأنهم سموه بذلك لارتماضهم فيه من حرّ الجوع ومقاساة شدّته، كما سموه ناتقا لأنه كان ينتقهم أى يزعجهم إضجاراً بشدّته عليهم. وقيل لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي وقعت فيها، فوافق هذا الشهر أيام رمض الحر. فإن قلت: فإذا كانت التسمية واقعة مع المضاف والمضاف إليه جميعاً، فما وجه ما جاء في الأحاديث من نحو قوله عليه الصلاة والسلام: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً (?) » «من أدرك رمضان فلم يغفر له» (?) . قلت: هو من باب الحذف لأمن الإلباس كما قال:
بمَا أعْيَا النِّطَاسِى حِذْيَمَا (?)
أراد ابن حذيم، وارتفاعه على أنه مبتدأ خبره الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ أو على أنه بدل من الصيام في قوله: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) أو على أنه خبر مبتدإ محذوف. وقرئ بالنصب على: صوموا شهر رمضان، أو على الإبدال من (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) ، أو على أنه مفعول (وَأَنْ تَصُومُوا) . ومعنى (أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) ابتدئ فيه إنزاله، وكان ذلك في ليلة القدر. وقيل: أنزل جملة إلى سماء الدنيا، ثم نزل إلى الأرض نجوما. وقيل: أنزل في شأنه القرآن، وهو قوله: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) كما تقول أنزل في عمر كذا، وفي علىّ كذا. وعن النبي عليه السلام «نزلت صحف إبراهيم أوّل ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين، والإنجيل لثلاث عشرة، والقرآن لأربع وعشرين مضين (?) » هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ نصب على الحال، أى أنزل وهو هداية للناس إلى الحق، وهو آيات واضحات مكشوفات مما يهدى إلى الحق ويفرق بين الحق والباطل. فإن قلت: ما معنى قوله: (وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى) بعد قوله: (هُدىً لِلنَّاسِ) ؟ قلت:
ذكر أوّلا أنه هدى، ثم ذكر أنه بينات من جملة ما هدى به اللَّه، وفرق به بين الحق والباطل من وحيه وكتبه السماوية الهادية الفارقة بين الهدى والضلال فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ فمن كان