لا بدّ من مضاف محذوف تقديره. ومثل داعى الذين كفروا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ أو: ومثل الذين كفروا كبهائم الذي ينعق. والمعنى: ومثل داعيهم إلى الإيمان- في أنهم لا يسمعون من الدعاء إلا جرس النغمة ودوى الصوت، من غير إلقاء أذهان ولا استبصار- كمثل الناعق بالبهائم، التي لا تسمع إلا دعاء الناعق ونداءه الذي هو تصويت بها وزجر لها، ولا تفقه شيئا آخر ولا تعى، كما يفهم العقلاء ويعون. ويجوز أن يراد بما لا يسمع: الأصم الأصلخ، الذي لا يسمع من كلام الرافع صوته بكلامه إلا النداء والتصويت لا غير، من غير فهم للحروف. وقيل معناه: ومثلهم في اتباعهم آباءهم وتقليدهم لهم، كمثل البهائم التي لا تسمع إلا ظاهر الصوت ولا تفهم ما تحته، فكذلك هؤلاء يتبعونهم على ظاهر حالهم ولا يفقهون أهم على حق أم باطل؟ وقيل معناه: ومثلهم في دعائهم الأصنام كمثل الناعق بما لا يسمع، إلا أنّ قوله إِلَّا دُعاءً وَنِداءً لا يساعد عليه، لأنّ الأصنام لا تسمع شيئا. والنعيق: التصويت. يقال: نعق المؤذن، ونعق الراعي بالضأن. قال الأخطل:

فَانْعِقْ بِضَأْنِكَ يَا جَرِيرُ فَإنّمَا ... مَنَّتْكَ نَفْسُكَ فِى الخَلَاءِ ضَلَالا «1»

وأما «نغق الغراب» فبالغين المعجمة صُمٌّ هم صم، وهو رفع على الذمّ.

[سورة البقرة (?) : آية 172]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172)

مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ من مستلذاته، لأنّ كل ما رزقه اللَّه لا يكون إلا حلالا «2» وَاشْكُرُوا لِلَّهِ الذي رزقكموها إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ إن صح أنكم تخصونه بالعبادة.

وتقرّون أنه مولى النعم. وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم: «يقول اللَّه تعالى: إنى والجنّ والإنس في نبأ عظيم، أخلق ويُعبد غيرى وأرزق ويُشكر غيرى «3» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015