[سورة فاطر (35) : آية 9]

وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ (9)

وقرئ: أرسل الريح. فإن قلت: لم جاء فَتُثِيرُ على المضارعة دون ما قبله، وما بعده؟ قلت:

ليحكى الحال التي تقع فيها إثارة الرياح السحاب، وتستحضر تلك الصور البديعة الدالة على القدرة الربانية، وهكذا يفعلون بفعل فيه نوع تمييز وخصوصية، بحال تستغرب، أوتهمّ المخاطب، أو غير ذلك، كما قال تأبط شرا:

بأنىّ قد لقيت الغول تهوى ... بسهب كالصّحيفة صحصحان

فأضربها بلا دهش فخرّت ... صريعا لليدين وللجران «1»

لأنه قصد أن يصوّر لقومه الحالة التي تشجع فيها بزعمه على ضرب الغول، كأنه يبصرهم إياها ويطلعهم على كنهها، مشاهدة للتعجيب من جرأته على كل هول، وثباته عند كل شدّة. وكذلك سوق السحاب إلى البلد الميت، وإحياء الأرض بالمطر بعد موتها: لما كانا من الدلائل على القدرة الباهرة قيل: فسقنا، وأحيينا، معدولا بهما عن لفظ الغيبة إلى ما هو أدخل في الاختصاص وأدلّ عليه. والكاف في كَذلِكَ في محلّ الرفع، أى: مثل إحياء الموات نشور الأموات وروى أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف يحيى الله الموتى؟ وما آية ذلك في خلقه؟

فقال «هل مررت بوادي أهلك محلا ثم مررت به يهزّ «2» خضرا» قال: نعم. قال: «فكذلك يحيى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015