ومعناه: يرفعانها قائلين ربنا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ لدعائنا الْعَلِيمُ بضمائرنا ونياتنا. فإن قلت: هلا قيل: قواعد البيت، وأى فرق بين العبارتين؟ قلت: في إبهام القواعد وتبيينها بعد الإبهام ما ليس في إضافتها لما في الإيضاح بعد الإبهام من تفخيم لشأن المبين مُسْلِمَيْنِ لَكَ مخلصين لك أوجهنا، من قوله: (أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ) أو مستسلمين. يقال: أسلم له وسلم واستسلم، إذا خضع وأذعن. والمعنى: زدنا إخلاصا أو إذعانا لك. وقرئ (مسلمين) على الجمع، كأنهما أرادا أنفسهما وهاجر، أو أجريا التثنية على حكم الجمع لأنها منه وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا واجعل من ذرّيتنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ و (من) للتبعيض أو للتبيين، كقوله: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ) . فإن قلت:
لم خصا ذرّيتهما بالدعاء؟ قلت: لأنهم أحق بالشفقة والنصيحة (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً) ، ولأنّ أولاد الأنبياء إذا صلحوا صلح بهم غيرهم وشايعوهم على الخير. ألا ترى أن المقدّمين من العلماء والكبراء إذا كانوا على السداد، كيف يتسببون لسداد من وراءهم؟ وقيل: أراد بالأمة أمة محمد صلى اللَّه عليه وسلم وَأَرِنا منقول من رأى بمعنى أبصر أو عرّف. ولذلك لم يتجاوز مفعولين، أى وبصرنا متعبداتنا في الحج، أو وعرفناها. وقيل: مذابحنا. وقرئ: وأرنا، بسكون الراء قياس على فخذ في فخذ. وقد استرذلت، لأنّ الكسرة منقولة من الهمزة الساقطة دليل عليها، فإسقاطها إجحاف. وقرأ أبو عمرو بإشمام الكسرة. وقرأ عبد اللَّه: وأرهم مناسكهم. وَتُبْ عَلَيْنا ما فرط منا (?) من الصغائر أو استتابا لذرّيتهما وَابْعَثْ فِيهِمْ في الأمة المسلمة رَسُولًا مِنْهُمْ من أنفسهم. وروى أنه قيل له: قد استجيب لك وهو في آخر الزمان، فبعث اللَّه فيهم محمداً صلى اللَّه عليه وسلم. قال عليه الصلاة والسلام «أنا دعوة أبى إبراهيم وبشرى أخى عيسى ورؤيا أمى (?)