وَاتَّبَعُوا أى نبذوا كتاب اللَّه واتبعوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ يعنى واتبعوا كتب السحر والشعوذة التي كانت تقرؤها عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ أى على عهد ملكه وفي زمانه. وذلك أنّ الشياطين كانوا يسترقون السمع ثم يضمون إلى ما سمعوا أكاذيب يلفقونها ويلقونها إلى الكهنة وقد دوّنوها في كتب يقرءونها ويعلمونها الناس، وفشا ذلك في زمن سليمان عليه السلام حتى قالوا:

إن الجن تعلم الغيب، وكانوا يقولون: هذا علم سليمان، وما تم لسليمان ملكه إلا بهذا العلم، وبه تسخر الإنس والجن والريح التي تجرى بأمره وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ تكذيب للشياطين ودفع لما بهتت به (?) سليمان من اعتقاد السحر والعمل به وسماه كفراً وَلكِنَّ الشَّياطِينَ هم الذين كَفَرُوا باستعمال السحر وتدوينه يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ يقصدون به إغواءهم وإضلالهم وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ عطف على السحر، أى ويعلمونهم ما أنزل على الملكين. وقيل: هو عطف على ما تتلو، أى واتبعوا ما أنزل. هارُوتَ وَمارُوتَ عطف بيان للملكين علمان لهما، والذي أنزل عليهما هو علم السحر ابتلاء من اللَّه للناس. من تعلمه منهم وعمل به كان كافراً، ومن تجنبه أو تعلمه لا ليعمل به ولكن ليتوقاه ولئلا يغتر به كان مؤمنا:

عَرَفْتُ الشَّرَّ لَا لِلشَّرِّ لكِنْ لِتَوَقِّيهِ (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015