الشرطية واقعة بعدها وهي قوله إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً في مقابلة خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا لأن مقامهم هو مكانهم ومسكنهم. والندىّ:

المجلس الجامع لوجوه قومهم وأعوانهم وأنصارهم. والجند: هم الأنصار والأعوان.

[سورة مريم (19) : آية 76]

وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76)

وَيَزِيدُ معطوف على موضع فليمدد، لأنه واقع موقع الخبر، تقديره: من كان في الضلالة مدّ أو يمدّ له الرحمن. ويزيد: أى يزيد في ضلال الضال بخذلانه، ويزيد المهتدين هداية بتوفيقه وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ أعمال الآخرة كلها. وقيل: الصلوات. وقيل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، أى هي خَيْرٌ ثَواباً من مفاخرات الكفار وَخَيْرٌ مَرَدًّا أى مرجعا وعاقبة، أو منفعة، من قولهم: ليس لهذا الأمر مردّ:

وهل يرد بكاى زندا «1»

فإن قلت: كيف قيل خير ثوابا كأنّ لمفاخراتهم ثوابا، حتى يجعل ثواب الصالحات خيرا منه؟ قلت:

كأنه قيل:

ثوابهم النار. على طريقة قوله: ... فأعتبوا بالصّيلم «2»

وقوله:

شجعاء جرّتها الذّميل تلوكه ... أصلا إذا راح المطي غراثا «3»

وقوله:

تحيّة بينهم ضرب وجيع «4»

ثم بنى عليه خير ثوابا. وفيه ضرب من التهكم الذي هو أغيظ للمتهدد من أن يقال له: عقابك النار. فإن قلت: فما وجه التفضيل في الخير كأن لمفاخرهم شركا فيه؟ قلت: هذا من وجيز كلامهم، يقولون: الصيف أحرّ من الشتاء، أى: أبلغ من الشتاء في برده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015