يونس: العرب إذا ارتحلوا عن الدار قالوا: انظروا أنساءكم، أى: الشيء اليسير نحو العصا والقدح والشظاظ «1» . تمنت لو كانت شيئا تافها لا يؤبه له، من شأنه وحقه أن ينسى في العادة وقد نسى وطرح فوجد فيه النسيان الذي هو حقه، وذلك لما لحقها من فرط الحياء والتشوّر «2» من الناس على حكم العادة البشرية، لا كراهة لحكم الله، أو لشدّة التكليف عليها إذا بهتوها «3» وهي عارفة ببراءة الساحة وبضدّ ما قرفت به، من اختصاص الله إياها بغاية الإجلال والإكرام لأنه مقام دحض قلما تثبت عليه الأقدام: أن تعرف اغتباطك بأمر عظيم وفضل باهر تستحق به المدح وتستوجب التعظيم، ثم تراه عند الناس لجهلهم به عيبا يعاب به ويعنف بسببه، أو لخوفها على الناس أن يعصوا الله بسببها. وقرأ ابن وثاب والأعمش وحمزة وحفص نَسْياً بالفتح. قال الفراء: هما لغتان كالوتر والوتر، والجسر والجسر. ويجوز أن يكون مسمى بالمصدر. كالحمل. وقرأ محمد بن كعب القرظي «نسأ» بالهمز وهو الحليب المخلوط بالماء، ينسؤه أهله لقلته ونزارته. وقرأ الأعمش مَنْسِيًّا بالكسر على الإتباع، كالمغيرة والمنخر.
فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24)
مِنْ تَحْتِها هو جبريل عليه السلام. قيل: كان يقبل الولد كالقابلة. وقيل: هو عيسى، وهي قراءة عاصم وأبى عمرو. وقيل تَحْتِها أسفل من مكانها، كقوله تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وقيل: كان أسفل منها تحت الأكمة، فصاح بها أَلَّا تَحْزَنِي وقرأ نافع وحمزة والكسائي وحفص مِنْ تَحْتِها وفي ناداها ضمير الملك أو عيسى. وعن قتادة: الضمير في تحتها للنخلة. وقرأ زرّ وعلقمة: فخاطبها من تحتها.
سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن السرىّ فقال: «هو الجدول «4» » . قال لبيد: