طريقة سوداء وطريقة حمراء. قال «قد رأيته» والصدفان- بفتحتين-: جانبا الجبلين، لأنهما يتصادفان أى يتقابلان، وقرئ: الصدفين، بضمتين. والصدفين، بضمة وسكون. والصدفين، بفتحة وضمة. والقطر: النحاس المذاب لأنه يقطر وقِطْراً منصوب بأفرغ. وتقديره.
آتوني قطرا أفرغ عليه قطرا، فحذف الأول لدلالة الثاني عليه. وقرئ: قال ائتوني، أى جيئوني فَمَا اسْطاعُوا بحذف التاء للخفة، لأنّ التاء قريبة المخرج من الطاء. وقرئ: فما اصطاعوا بقلب السين صادا. وأما من قرأ بإدغام التاء في الطاء، فملاق بين ساكنين على غير الحدّ أَنْ يَظْهَرُوهُ أن يعلوه، أى: لا حيلة لهم فيه من صعود، لارتفاعه وانملاسه، ولا نقب لصلابته وثخانته.
قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98)
هذا إشارة إلى السد، أى: هذا السد نعمة من الله ورَحْمَةٌ على عباده. أو هذا الإقدار والتمكين من تسويته فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي يعنى فإذا دنا مجيء يوم القيامة وشارف أن يأتى جعل السد دَكَّاءَ أى مدكوكا مبسوطا مسوّى بالأرض، وكل ما انبسط من بعد ارتفاع فقد اندك. ومنه: الجمل الأدك: المنبسط السنام. وقرئ: دكاء، بالمد: أى أرضا مستوية وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا آخر حكاية قول ذى القرنين.
[سورة الكهف (18) : آية 99]
وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً (99)
وَتَرَكْنا وجعلنا بَعْضَهُمْ بعض الخلق يَمُوجُ فِي بَعْضٍ أى يضطربون ويختلطون إنسهم وجنهم حيارى. ويجوز أن يكون الضمير ليأجوج ومأجوج، وأنهم يموجون حين يخرجون مما وراء السد مزدحمين في البلاد. وروى: يأتون البحر فيشربون ماءه ويأكلون دوابه، ثم يأكلون الشجر، ومن ظفروا به ممن لم يتحصن منهم من الناس، ولا يقدرون أن يأتوا مكة والمدينة وبيت المقدس، ثم يبعث الله نغفا في أقفائهم «1» فيدخل في آذانهم فيموتون.
وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً (100) الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً (101)