مسبب عن خوف الغصب عليها فكان حقه أن يتأخر عن السبب «1» ، فلم قدّم عليه؟ قلت:
النية به التأخير، وإنما قدم للعناية، ولأنّ خوف الغصب ليس هو السبب وحده، ولكن مع كونها للمساكين، فكان بمنزلة قولك: زيد ظنى مقيم. وقيل في قراءة أبىّ وعبد الله: كل سفينة صالحة.
وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً (80) فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً (81) وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (82)
وقرأ الجحدري: وكان أبواه مؤمنان، على أن «كان» فيه ضمير الشأن فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً فخفنا أن يغشى الوالدين المؤمنين طغيانا عليهما، وكفرا لنعمتهما بعقوقه وسوء صنيعه، ويلحق بهما شرا وبلاء، أو يقرن بإيمانهما طغيانه وكفره، فيجتمع في بيت واحد مؤمنان وطاغ كافر. أيعديهما بدائه ويضلهما بضلاله فيرتدا بسببه ويطغيا ويكفرا بعد الإيمان وإنما خشي الخضر منه ذلك، لأن الله تعالى أعلمه بحاله وأطلعه على سر أمره. وأمره إياه بقتله كاخترامه لمفسدة عرفها في حياته. وفي قراءة أبىّ: فخاف ربك. والمعنى: فكره ربك كراهة من خاف سوء عاقبة الأمر فغيره. ويجوز أن يكون قوله فَخَشِينا حكاية لقول الله تعالى، بمعنى: فكرهنا، كقوله لِأَهَبَ لَكِ
. وقرئ: يبدّلهما، بالتشديد. والزكاة: الطهارة والنقاء من الذنوب. والرحم: الرحمة والعطف. وروى أنه ولدت لهما جارية تزوّجها نبىّ، فولدت نبيا هدى الله على يديه أمّة من الأمم. وقيل: ولدت سبعين نبيا. وقيل: أبدلهما ابنا مؤمنا مثلهما. قيل: