وَقُرْآناً منصوب بفعل يفسره فَرَقْناهُ وقرأه أبىّ: فرّقناه، بالتشديد، أى: جعلنا نزوله مفرّقا منجما. وعن ابن عباس رضى الله عنه أنه قرأ مشدّدا وقال: لم ينزل في يومين أو ثلاثة، بل كان بين أوّله وآخره عشرون سنة، يعنى: أن فرق بالتخفيف يدل على فصل متقارب «على مكت» بالفتح والضم: على مهل وتؤدة وتثبت وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا على حسب الحوادث

[سورة الإسراء (17) : الآيات 107 الى 109]

قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً (107) وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً (109)

قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا أمر بالإعراض عنهم واحتقارهم والازدراء بشأنهم، وأن لا يكترث بهم وبإيمانهم وبامتناعهم عنه، وأنهم إن لم يدخلوا في الإيمان ولم يصدّقوا بالقرآن وهم أهل جاهلية وشرك، فإن خيرا منهم وأفضل- وهم العلماء الذين قرءوا الكتب وعلموا ما الوحى وما الشرائع- قد آمنوا به وصدّقوه، وثبت عندهم أنه النبي العربىّ الموعود في كتبهم، فإذا تلى عليهم خرّوا سجدا وسبحوا الله تعظيما لأمره ولإنجازه ما وعد في الكتب المنزلة وبشربه من بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وإنزال القرآن عليه، وهو المراد بالوعد في قوله إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا...... وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً أى يزيدهم القرآن لين قلب ورطوبة عين- فإن قلت: إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ تعليل لماذا؟ قلت: يجوز أن يكون تعليلا لقوله آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا وأن يكون تعليلا لقل على سبيل التسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتطييب نفسه، كأنه قيل: تسلّ عن إيمان الجهلة بإيمان العلماء. وعلى الأوّل: إن لم تؤمنوا به لقد آمن «1» به من هو خير منكم. فإن قلت: ما معنى الخرور للذقن؟ قلت: السقوط على الوجه، وإنما ذكر الذقن وهو مجتمع اللحيين، لأنّ الساجد أول ما يلقى به الأرض من وجهه الذقن. فإن قلت: حرف الاستعلاء ظاهر المعنى إذا قلت خرّ على وجهه وعلى ذقنه، فما معنى اللام في خرّ لذقنه ولوجهه؟ قال:

فخرّ صريعا لليدين وللفم «2»

طور بواسطة نورين ميديا © 2015