فتركبوا البحر الذي نجاكم منه فأعرضتم، فينتقم منكم بأن يرسل عَلَيْكُمْ قاصِفاً وهي الريح التي لها قصيف وهو الصوت الشديد، كأنها تتقصف أى تتكسر. وقيل: التي لا تمرّ بشيء إلا قصفته فَيُغْرِقَكُمْ وقرئ بالتاء، أى الريح. وبالنون، وكذلك: نخسف، ونرسل، ونعيدكم.

قرئت بالياء والنون. التبيع: المطالب، من قوله فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ أى مطالبة. قال الشماخ:

كَمَا لَاذَ الْغَرِيمُ مِنَ التَّبِيعِ «1»

يقال: فلان على فلان تبيع بحقه، أى مصيطر عليه مطالب له بحقه. والمعنى: أنا نفعل ما نفعل بهم، ثم لا تجد أحدا يطالبنا بما فعلنا انتصارا منا ودركا للثأر من جهتنا. وهذا نحو قوله وَلا يَخافُ عُقْباها. بِما كَفَرْتُمْ بكفرانكم النعمة، يريد: إعراضهم حين نجاهم.

[سورة الإسراء (17) : آية 70]

وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً (70)

قيل في تكرمة ابن آدم: كرّمه الله بالعقل، والنطق، والتمييز، والخط، والصورة الحسنة والقامة المعتدلة، وتدبير أمر المعاش والمعاد. وقيل بتسليطهم على ما في الأرض وتسخيره لهم.

وقيل: كل شيء يأكل بفيه إلا ابن آدم. وعن الرشيد: أنه أحضر طعاما فدعا بالملاعق وعنده أبو يوسف، فقال له: جاء في تفسير جدك ابن عباس قوله تعالى وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ جعلنا لهم أصابع يأكلون بها، فأحضرت الملاعق فردّها وأكل بأصابعه عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا هو ما سوى الملائكة، «2» وحسب بنى آدم تفضيلا أن ترفع عليهم الملائكة وهم هم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015